للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عظم حقه عليها" (١).

وروى البخاري عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله : "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتَّى تصبح"، ورواه مسلم، ولفظه: "إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتَّى تصبح" (٢)، ولهذا قال تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾، وقوله: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الهجر هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره (٣)، وكذا قال غير واحد. وزاد آخرون منهم السدي والضحاك وعكرمة وابن عباس في رواية: ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها (٤).

وقال علي بن أبي طلحة أيضًا، عن ابن عباس: يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها، وذلك عليها شديد (٥). وقال مجاهد والشعبي وإبراهيم ومحمد بن كعب ومقسم وقتادة: الهجر هو أن لا يضاجعها (٦).

وقد قال أبو داود: حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي حُرة الرقاشي، عن عمه أن النَّبِيّ قال: "فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع" قال حماد: يعني: النكاح (٧).

وفي السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال: يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" (٨).

وقوله: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ أي: إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهن ضربًا غير مبرح، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر، عن النَّبِيّ أنه قال في حجة الوداع: "واتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" (٩)، وكذا


(١) أخرجه أبو داود من حديث قيس بن سعد (السنن، النكاح، باب في حق الزوج على المرأة ح ٢١٤٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٨٧٣)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ١٨٧).
(٢) صحيح البخاري، بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين، والملائكة في السماء (ح ٣٢٣٧)، وصحيح مسلم، النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها (ح ١٤٣٦).
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسنده ثابت عنه.
(٤) قول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عنه.
(٦) ذكرهم ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٧) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، النكاح، باب في ضرب النساء ح ٢١٤٥)، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ص ١٨٧٨).
(٨) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ٤٤٧، وأبو داود، السنن، النكاح، باب في حق المرأة على زوجها (ح ٢١٤٢)، وسنن الدراقطني ٣/ ٢٦، والسنن الكبرى للبيهقي ٦/ ١٠٠، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن أبي داود ح ١٨٧٥)، ويشهد له حديث جابر في نهي رسول الله عن ضرب الوجه صحيح مسلم، اللباس، باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه (ح ٢١١٦).
(٩) صحيح مسلم، الحج، باب حجة النَّبِيّ (ح ١٢١٨).