للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل المرأة وثقة من قوم الرجل ليجتمعا فينظرا في أمرهما ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق، وتشوف الشارع إلى التوفيق، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أمر اللّه ﷿ أن يبعثوا رجلًا صالحًا من أهل الرجل، ورجلًا مثله من أهل المرأة، فينظران أيهما المسيء، فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة، قصروها على زوجها ومنعوها النفقة، فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا، فأمرهما جائز، فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره الآخر، ثم مات أحدهما، فإن الذي رضي يرث الذي لم يرض ولا يرث الكاره الراضي، رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (١).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، عن ابن عباس، قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمر: بلغني أن عثمان بعثهما وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا (٢). وقال: أنبأنا ابن جريج، حدثني ابن أبي مليكة أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقالت: تصير إلي وأنفق عليك، فكان إذا دخل عليها قالت: أين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فقال: على يسارك في النار إذا دخلت، فشدت عليها ثيابها فجاءت عثمان فذكرت له ذلك، فضحك، فأرسل ابن عباس ومعاوية، فقال ابن عباس: لأفرقن بينهما، فقال معاوية: ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف، فأتياهما فوجداهما قد أغلقا عليهما أبوابهما فرجعا (٣).

وقال عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة قال: شهدت عليًا وجاءته امرأة وزوجها مع كل واحد منهما فئام من الناس، فأخرج هؤلاء حكمًا وهؤلاء حكمًا، فقال علي للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إن عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، فقالت المرأة: [رضيت بكتاب] (٤) الله لي وعلي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال علي: كذبت واللّه لا تبرح حتى ترضى بكتاب اللّه ﷿ لك وعليك، رواه ابن أبي حاتم (٥)، ورواه ابن جرير، عن يعقوب، عن ابن علية، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي مثله (٦)، ورواه من وجه آخر عن ابن [سيرين] (٧)، عن عبيدة، عن علي به، وهذا مذهب جمهور العلماء على أن الحكمين إليهما الجمع والتفرقة حتى قال إبراهيم النخعي: إن شاء الحكمان أن يفرقا بينهما بطلقة أو


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت عنه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ومصنفه (١٦/ ٥١٢ رقم ١١٨٨٥) بسنده ومتنه وسنده صحيح، وفي سنده انقطاع بين معمر وعثمان.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه (المصنف ١٦/ ٥١٢ رقم ١١٨٨٧)، وصحح سنده الحافظ ابن حجر (الإصابة ٤/ ٣٧٢).
(٤) سقط في الأصل، واستدرك من (حم) و (مح).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وأخرجه عبد الرزاق به، وسنده صحيح.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٧) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "سفيان" وهو تصحيف.