للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملوك الطوائف، ورد الملك إلى الأكاسرة، فأما سابور ذو الأكتاف فهو من بعد ذلك بزمن طويل، والله أعلم، ذكره السهيلي، قال ابن هشام: فحصره سنتين وذلك لأنه كان أغار على بلاد سابور في غيبته وهو في العراق، وأشرفت بنت الساطرون وكان اسمها النضيرة، فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج، وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ، فدست إليه أن تتزوجني إن فتحت لك باب الحصن، فقال: نعم، فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر وكان لا يبيت إلا سكران، فأخذت مفاتيح باب الحصن من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها ففتح الباب، ويقال: دلتهم على طلسم كان في الحصن لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء فتخضب رجلاها بحيض جارية بكر زرقاء، ثم ترسل، فإذا وقعت على سور الحصن سقط ذلك ففتح الباب، ففعل ذلك، فدخل سابور، فقتل ساطرون واستباح الحصن وخربه، وسار بها معه وتزوجها، فبينما هي نائمة على فراشها ليلًا إذ جعلت تتململ لا تنام، فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد فيه ورقة آس، فقال لها سابور: هذا الذي أسهرك فما كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ، ويسقيني الخمر، قال الطبري (١): كان يطعمني المخ والزبد، وشهد أبكار النحل، وصفو الخمر! وذكر أنه كان يرى مخ ساقها، قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به؟! أنت إلي بذاك أسرع، ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس، فركض الفرس حتى قتلها، وفيه يقول عدي بن زيد العبادي أبياته المشهورة:

أيها الشامت المعير بالدهر … أأنت المبرأ الموفور

أم لديك العهد الوثيق من الأيـ … ــام بل أنت جاهل مغرور

من رأيت المنون خلد أم من … ذا عليه من أن يضام خفير

أين كسرى كسرى الملوك … أنوشروان أم أين قبله سابور

وبنو الأصفر الكرام ملوك … الروم لم يبق منهم مذكور

وأخو الحضر إذ بناه … وإذ دجلة تجبى إليه والخابور

شاده مرمرًا وجلله … كلسًا فللطير في ذراه وكور

لم تهبه ريب المنون فباد الـ … ملك عنه فبابه مهجور

وتذكر رب الخورنق إذا شرف … يومًا وللهدى تفكير

سرَّه ماله وكثرة ما يملك … والبحر معرض والسدير

فارعوى قلبه وقال فما … غبطة حي إلى الممات يصير

ثم أضحوا كأنهم ورق جف … فألوت به الصبا والدبور

ثم بعد الفلاح والملك والأمة … وارتهم هناك القبور] (٢)

وقوله: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ﴾ أي: خصب ورزق من ثمار وزروع وأولاد ونحو ذلك، هذا معنى قول ابن عباس وأبي العالية والسدي (٣): ﴿يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ أي: قحط وجدب ونقص في الثمار والزروع أو موت أولاد أو إنتاج أو غير ذلك كما يقوله أبو العالية والسدي (٤)،


(١) لم أجده في تفسير الطبري.
(٢) ما بين معقوفين زيادة من (مح).
(٣) (٤) قول أبي العالية أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عنه، وقول السدي أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن.