للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قطن" قال الزهري: رجل من خزاعة هلك في الجاهلية (١)، هذه كلها ألفاظ البخاري .

وقد تقدم في حديث عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة أن عيسى يمكث في الأرض بعد نزوله أربعين سنة، ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وفي حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم أنه يمكث سبع سنين فيحتمل - واللّه أعلم - أن يكون المراد بلبثه في الأرض أربعين سنة مجموع إقامته فيها قبل رفعه، وبعد نزوله، فإنه رفع وله ثلاث وثلاثون سنة، في الصحيح، وقد ورد ذلك في حديث في صفة أهل الجنة أنهم على صورة آدم وميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة، وأما ما حكاه ابن عساكر عن بعضهم أنه رفع وله مِائَة وخمسون سنة، فشاذ غريب بعيد.

وذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر في ترجمة عيسى ابن مريم من تاريخه عن بعض السلف أنه يدفن مع النَّبِيّ في حجرته، فالله أعلم (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ قال قتادة: يشهد عليهم أنه قد بلغهم الرسالة من الله وأقر بعبودية الله ﷿، وهذا كقوله تعالى في آخر سورة المائدة: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١١٧) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)[المائدة].

﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٦١) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (١٦٢)﴾.

يخبر تعالى أنه بسبب ظلم اليهود بما ارتكبوه من الذنوب [العظيمة] (٣)، حرم عليهم طيبات كان أحلها لهم، كما قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري، حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة، عن عمرو، قال: قرأ ابن عباس: طيبات كانت أحلت لهم (٤).

وهذا التحريم قد يكون قدريًا بمعنى أنه تعالى قيضهم لأن تأولوا في كتابهم، وحرفوا وبدلوا أشياء كانت حلالًا لهم فحرموها على أنفسهم تشديدًا منهم على أنفسهم وتضييقًا وتنطعًا قال الطبراني: حَدَّثَنَا بكر بن سهل ومطلب بن شعيب، عن عبد الله بن صالح، حدثني ابن سريح أنه سمع سهل بن أبي أُمامة بن سهل بن حنيف يحدث عن أبيه عن جده أن رسول الله قال: "لا تشددوا على أنفسكم، فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم في


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه وتعليقه (المصدر السابق ح ٣٤٤١).
(٢) ينظر: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ٢٠/ ١٥٤)، والأثر لم يصح.
(٣) كذا في (حم) و (مح) وسقط من الأصل.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح.