للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروي عن الحسن أنه قال: الباز والصقر من الجوارح، وروي عن علي بن الحسين مثله (١)، ثم روي عن مجاهد أنه كره صيد الطير كله، وقرأ قوله: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾ قال: وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك.

ونقله ابن جرير عن الضحاك والسدي (٢)، ثم قال: حدثنا هناد، حدثنا ابن أبي زائدة، أخبرنا ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: أما ما صاد من الطير البازات وغيرها من الطير، فما أدركت فهو لك وإلا فلا تطعمه (٣).

قلت: والمحكي عن الجمهور إن الصيد بالطيور كالصيد بالكلاب لأنه تكلب الصيد بمخالبها كما تكلبه الكلاب، فلا فرق، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم واختاره ابن جرير، واحتج في ذلك بما رواه عن هناد، حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد، عن الشعبي، عن [عدي بن حاتم] (٤) قال: سألت رسول الله عن صيد البازي فقال: "ما أمسك عليك فكل" (٥).

واستثنى الإمام أحمد صيد الكلب الأسود، لأنه عنده مما يجب قتله ولا يحل اقتناؤه لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذرّ أن رسول الله قال: "يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود" فقلت: ما بال الكلب الأسود من الأحمر؟ فقال: "الكلب الأسود شيطان" (٦).

وفي الحديث الآخر أن رسول الله أمر بقتل الكلاب، ثم قال: "ما بالهم وبال الكلاب، اقتلوا منها كل أسود بهيم" (٧).

وسميت هذه الحيوانات [التي] (٨) يصطاد بهن جوارح من الجرح، وهو الكسب، كما تقول العرب: فلان جرح أهله خيرًا؛ أي: كسبهم خيرًا، ويقولون: فلان لا جارح له؛ أي: لا كاسب له، وقال الله تعالى: ﴿وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ [الأنعام: ٦٠] أي: ما كسبتم من خير وشر، وقد ذكر في سبب نزول هذه الآية الشريفة الحديث الذي رواه ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن


= صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه. وقول طاوس أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه (المصنف رقم ٨٤٩٧).
(١) قول الحسن أخرجه الطبري بإسنادين يقوي أحدهما الآخر، وقول علي بن الحسين أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق نافع عنه.
(٢) ما نقله الطبري عن الضحاك والسدي هو الاقتصار على ذكر الكلاب دون ذكر الطير، وسنده إلى السدي حسن من طريق أسباط.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن نافع به (المصنف رقم ٨٥٢٠).
(٤) كذا في (حم) و (مح) وتفسير الطبري، وفي الأصل: "عدي بن أبي حاتم"، وهو خطأ.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده مجالد ليس بالقوي كما في التقريب. وأخرجه أبو داود بنحوه وصححه الألباني بدون ذكر الباز (سنن أبي داود، الصيد، باب في الصيد ح ٢٨٥١، وصحيح السنن ح ٢٤٧٧).
(٦) صحيح مسلم، الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي (ح ٥١٠).
(٧) أخرج مسلم بلفظ: أمر رسول الله بقتل الكلاب ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب (الصحيح، المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه ح ١٥٧٣).
(٨) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "اللاتي".