للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن اللّه شرعه، وآمن به، وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، المعادل في كل شيء.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هلال بن فياض، حدثنا أبو عبيدة الناجي قال: سمعت الحسن يقول: من حكم بكير حكم الله فحكم الجاهلية (١).

وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى - قراءة -، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، قال: كان طاوس إذا سأله رجل: أفضل بين ولدي في النحل؟ قرأ ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ الآية (٢).

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن [نجدة] (٣) الحوطي، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "أبغض الناس إلى الله ﷿، من يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية، وطالب دم امرى بكير حق ليريق دمه" (٤). وروى البخاري عن أبي اليمان بإسناده نحوه بزيادة (٥).

[﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (٥٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣)﴾.

ينهى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، الذين هم أعداء الإسلام وأهله - قاتلهم الله - ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك، فقال: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ الآية.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا كثير بن شهاب، حدثنا محمد - يعني ابن سعيد بن سابق -، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن سماك بن حرب، عن عياض أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد، وكان له كاتب نصراني، فرفع إليه ذلك، فعجب عمر وقال: إن هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتابًا في المسجد جاء من الشام؟ فقال: إنه لا يستطيع، فقال عمر: أجنب هو؟ قال: لا بل نصراني. قال: فانتهرني وضرب فخذي، ثم قال:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده أبو عبيدة الناجي لم أقف على ترجمة له، ومعناه صحيح.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٣) كذا في (حم) و (مح) وفي الأصل: صحفت إلى: "عبدة".
(٤) أخرجه الطبراني بسنده ومتنه في المعجم الكبير (١٠/ ٣٧٤ ح ١٠٧٤٩)، وأخرجه البخاري من طريق أبي اليمان به نحوه، الصحيح، كتاب الديات، باب من طلب دم امرئ بغير حق ح (٦٣٧٤).
(٥) ورد في الأصل يمين اللوحه ٣٢٤ م ما نصه: إلى هنا آخر الجزء الأول من خط المؤلف عفى الله عنا وعنه.