للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخرجوه، ثم قرأ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ الآية (١).

ثم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا عثمان بن عمر، أنبأنا ابن عون، عن محمد بن سيرين، قال: قال عبد اللّه بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا وهو لا يشعر. قال: فظنناه يريد هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ الآية (٢).

حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فضيل، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب، فقال: كل، قال اللّه تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ (٣)، وروي عن أبي الزناد نحو ذلك (٤).

وقوله تعالى: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ أي: شك وريب ونفاق، ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾؛ أي: يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر، ﴿يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ﴾ أي: يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين، فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى، فينفعهم ذلك. عند ذلك قال اللّه تعالى: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾. قال السدي: يعني فتح مكة (٥). وقال غيره: يعني القضاء والفصل (٦).

﴿أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ قال السدي: يعني ضرب الجزية (٧) على اليهود والنصارى، ﴿فَيُصْبِحُوا﴾ يعني: الذي والوا اليهود والنصارى من المنافقين ﴿عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ من الموالاة، ﴿نَادِمِينَ﴾ أي: على ما كان منهم مما لم يجد عنهم شيئًا، ولا دفع عنهم محذورًا، بل كان عين المفسدة، فإنهم فضحوا وأظهر اللّه أمرهم في الدنيا لعباده المؤمنين بعد أن كانوا مستورين، لا يدرى كيف حالهم، فلما انعقدت الأسباب الفاضحة لهم تبين أمرهم لعباد اللّه المؤمنين، فتعجبوا منهم كيف كانوا يظهرون أنهم من المؤمنين، ويحلفون على ذلك ويتأولون فبان كذبهم وافتراؤهم، ولهذا قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣)﴾.

وقد اختلف القرّاء في هذا الحرف فقرأه الجمهور بإثبات الواو في قوله: ﴿وَيَقُولُ﴾، ثم منهم من رفع ويقول: على الابتداء، ومنهم من نصب عطفًا على قوله: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ فتقديره: أن يأتي وأن يقول، وقرأ أهل المدينة (يقول الذين آمنوا) بغير واو (٨)، وكذلك هو في مصاحفهم على ما ذكره ابن جرير. قال ابن جرير عن مجاهد ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ تقديره حينئذٍ ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (٥٣)[واختلف المفسرون في] (٩) سبب نزول هذه الآيات


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٤) ذكره ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه.
(٦) أخرجه الطبرى بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بلفظ: "بالقضاء".
(٧) أخرجه الطبرى بسند حسن من طريق أسباط عنه.
(٨) والقراءتان متواترتان.
(٩) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (حم) و (مح).