للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكريمات، فذكر السدي أنها نزلت في رجلين قال أحدهما لصاحبه بعد وقعة أحد: أما أنا فإني ذاهب إلى ذلك اليهودي فآوي إليه وأتهوّد معه، لعله ينفعني إذا وقع أمر أو حدث حادث. وقال الآخر: أما أنا فإني ذاهب إلى فلان النصراني بالشام فآوي إليه وأتنصر معه، فأنزل اللّه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ الآيات (١).

وقال عكرمة: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين بعثه رسول اللّه إلى بني قريظة فسألوه: ماذا هو صانع بنا؟ فأشار بيده إلى حلقه أي أنه الذبح (٢)، رواه ابن جرير.

وقيل: نزلت في عبد اللّه بن أبي بن سلول، كما قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي، عن عطية بن سعد قال: جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول اللّه فقال: يا رسول الله، إن لي موالي من يهود كثير عددهم، وإني أبرأ إلى اللّه ورسوله من ولاية يهود، وأتولى اللّه ورسوله، فقال عبد اللّه بن أُبي: إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي، فقال رسول اللّه لعبد اللّه بن أُبي "يا أبا الحباب، ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت، فهو لك دونه" قال: قد قبلت، فأنزل اللّه ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ إلى قوله: ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ (٣).

ثم قال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهري: قال: لما انهزم أهل بدر، قال المسلمون لأوليائهم من اليهود: أسلموا قبل أن يصيبكم اللّه بيوم مثل يوم بدر، فقال مالك بن الصيف: أغركم أن أصبتم رهطًا من قريش لا علم لهم بالقتال؟ أما لو أمررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا، فقال عبادة بن الصامت: يا رسول اللّه، إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسهم كثيرًا سلاحهم شديدة شوكتهم، وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولاية يهود، ولا مولى لي إلا اللّه ورسوله، فقال عبد اللّه بن أُبي: لكني لا أبرأ من ولاية يهود، إني رجل لا بدّ لي منهم، فقال رسول اللّه : "يا أبا الحباب، أرأيت الذي نفّست به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت، فهو لك دونه" فقال: إذًا أقبل، قال: فأنزل الله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧] (٤).

وقال محمد بن إسحاق: فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها وبين رسول الله بنو قينقاع، فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: فحاصرهم رسول الله حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبد اللّه بن أُبي بن سلول حين أمكنه اللّه منهم، فقال: يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج، قال: فأبطأ عليه رسول الله ، فقال: يا محمد أحسن في موالي، قال: فأعرض عنه. قال: فأدخل يده في جيب درع رسول اللّه ، فقال له رسول اللّه : "أرسلني"،


(١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي، ولكنه مرسل.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين وهو ابن داود: ضعيف.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف عطية بن سعد وهو العوفي، وتشهد لبعضه رواية ابن إسحاق الثابتة عن عبادة بن الصامت بعد روايتين.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل ولبعضه شاهد في الرواية بعد التالية.