للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة ، قالت: من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل الله عليه فقد كذب [واللّه] (١) يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ الآية (٢)، هكذا رواه ها هنا مختصرًا وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولًا، وكذا رواه مسلم في كتابي الإيمان، والترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننهما من طرق عن عامر الشعبي، عن مسروق بن الأجدع، عنها (٣).

وفي الصحيحين عنها أيضًا أنها قالت: لو كان محمدًا كاتمًا شيئًا من القرآن لكتم هذه الآية ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ﴾ (٤) [الأحزاب: ٣٧].

وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أحمد بن منصور الرمادي: حَدَّثَنَا سعيد بن سليمان، حَدَّثَنَا عباد عن هارون بن عنترة، عن أبيه قال: كنا عند ابن عباس، فجاء رجل فقال له: إن ناسًا يأتونا فيخبروننا أن عندكم شيئًا لم يبده رسول الله للناس فقال ابن عَبَّاس: ألم تعلم أن الله تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ واللّه ما ورثنا رسول الله سوداء في بيضاء (٥)، وهذا إسناد جيد.

وهكذا في صحيح البخاري من رواية أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: قلت لعلي بن أبي طالب : هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن؟ فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهمًا يعطيه الله رجلًا في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر (٦).

وقال البخاري: قال الزهري: من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم (٧).

وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع، وقد كان هناك من أصحابه نحو من أربعين ألفًا، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال في خطبته يومئذٍ: "أيها الناس، إنكم مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكسها إليهم ويقول: "اللهم هل بلغت" اللهم هل بلغت؟ (٨).

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا ابن نمير، حَدَّثَنَا فضيل - يعني ابن غزوان -، عن عكرمة، عن ابن


(١) كذا في صحيح البخاري، وفي النسخ الثلاث بلفظ: "وهو".
(٢) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧] ح ٤٦١٢).
(٣) صحيح مسلم، الإيمان، باب معنى قول الله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)﴾ [النجم: ١٣] (ح ١٧٧)، وسنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة الأنعام (ح ٣٠٦٨)، والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ … ﴾ ح ١١١٤٧).
(٤) أخرجه مسلم من حديث عائشة (المصدر السابق بعد ح ١٧٧)، وأخرجه البخاري من حديث أنس بنحوه، الصحيح، التوحيد، باب ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: ٧] (ح ٧٤٢٠).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وجود إسناده الحافظ ابن كثير ثم أردف له شاهدًا من البخاري كما يلي.
(٦) صحيح البخاري، العلم، باب كتابة العلم (ح ١١١).
(٧) أخرجه البخاري معلقًا ووصله الحافظ ابن حجر بسنده عن الزهري ثم أردفه برواية ابن أبي عاصم من طريق الأوزاعي عن الزهري (تغليق التعليق ٥/ ٣٦٥ - ٣٦٦).
(٨) صحيح مسلم، الحج، باب حجة النَّبِيّ (ح ١٢١٨).