للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي سليم عن مجاهد في قوله: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾: يعني: القرآن العظيم (١)، وقوله: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ تقدم تفسيره.

﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ أي: فلا تحزن عليهم، ولا يهيدنّك ذلك منهم،

ثم قال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وهم المسلمون، ﴿وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ وهم حملة التوراة، ﴿وَالصَّابِئُونَ﴾ لما طال الفصل حسن العطف بالرفع، والصابئون طائفة من النصارى والمجوس ليس لهم دين، قاله مجاهد (٢)، وعنه: من اليهود والمجوس (٣).

وقال سعيد بن جبير: من اليهود والنصارى (٤). وعن الحسن والحكم: إنهم كالمجوس (٥).

وقال قتادة: هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى غير القبلة، ويقرؤون الزبور (٦).

وقال وهب بن منبه: هم قوم يعرفون الله وحده، وليست لهم شريعة يعملون بها، ولم يحدثوا كفرًا (٧)، وقال ابن وهب: أخبرني ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: الصابئون هم قوم مما يلي العراق، وهم بكوثى، وهم يؤمنون بالنبيين كلهم، ويصومون كل سنة ثلاثين يومًا، ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات (٨)، وقيل: غير ذلك، وأما النصارى فمعروفون وهم حملة الإنجيل، والمقصود أن كل فرقة آمنت بالله واليوم الآخَر وهو الميعاد والجزاء يوم الدين، وعملت عملًا صالحًا، ولا يكون ذلك كذلك حتَّى يكون موافقًا للشريعة المحمدية بعد إرسال صاحبها المبعوث إلى جميع الثقلين فمن اتصف بذلك فلا خوف عليهم فيما يستقبلونه، ولا على ما تركوا وراء ظهورهم، ولا هم يحزنون، وقد تقدم الكلام على نظيرتها في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ههنا.

﴿لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٧١)﴾.

يذكر تعالى أنه أخذ العهود والمواثيق على بني إسرائيل على السمع والطاعة للّه ولرسوله، فنقضوا تلك العهود والمواثيق واتبعوا آراءهم وأهواءهم، وقدموها على الشرائع، فما وافقهم منها قبلوه وما خالفهم ردوه، ولهذا قال تعالى: ﴿كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (٧٠)

﴿وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ أي: وحسبوا أن لا يترتب لهم شر على ما صنعوا،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي سنان عن ليث به، وليث هو ابن أبي سليم صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فترك.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق حجاج بن أرطأة عن القاسم عن مجاهد.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق شريك عن سالم الأفطس عن سعيد.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف فيه محمد بن عبد الرحمن العرزمي وهو متروك.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبد الله بن وهب عن ابن أبي الزناد به.