للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس" (١) تفرد به أيضًا ابن ماجة، وإسناده لا بأس به.

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عمرو بن عاصم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن جندب، عن حذيفة، عن النَّبِيّ قال: "لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه" قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء لما لا يطيق". وكذا رواه الترمذي وابن ماجة جميعًا عن محمد بن بشار، عن عمرو بن عاصم به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب (٢).

وقال ابن ماجة: حَدَّثَنَا العباس بن الوليد الدمشقي، حَدَّثَنَا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي، حَدَّثَنَا الهيثم بن حميد، حَدَّثَنَا أبو معبد حفص بن غيلان الرعيني، عن مكحول، عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم" قلنا يا رسول الله، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: "الملك في صغاركم والفاحشة في كباركم والعلم في رذالكم" قال زيد: تفسير معنى قول النَّبِيّ والعلم في رذالكم إذا كان العلم في الفساق (٣)، تفرد به ابن ماجة، وسيأتي في حديث أبي ثعلبة عند قوله: ﴿لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٥] شاهد لهذا، إن شاء الله تعالى وبه الثقة.

وقوله تعالى: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال مجاهد: يعني بذلك المنافقين (٤).

وقوله: ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ يعني: بذلك موالاتهم للكافرين، وتركهم موالاة المؤمنين التي أعقبتهم نفاقًا في قلوبهم، وأسخطت الله عليهم سخطًا مستمرًا إلى يوم معادهم، ولهذا قال: ﴿أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ وفسر بذلك ما ذمهم به، ثم أخبر عنهم أنهم ﴿وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ يعني: يوم القيامة.

قال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا هشام بن عمار، حَدَّثَنَا مسلمة بن علي، عن الأعمش بإسناد ذكره، قال: "يا معشر المسلمين، إياكم والزنا، فإن فيه ست خصال: ثلاثًا في الدنيا، وثلاثًا في الآخرة، فأما التي في الدنيا فإنه يذهب البهاء، ويورث الفقر، وينقص العمر، وأما التي في الآخرة فإنه يوجب سخط الرب، وسوء الحساب، والخلود في النار"، ثم تلا رسول الله : ﴿لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ هكذا ذكره ابن أبي حاتم (٥).

وقد رواه ابن مردويه من طريق هشام بن عمار، عن مسلمة، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، عن النَّبِيّ فذكره، وساقه أيضًا من طريق سعيد بن [عُفير] (٦) عن مسلمة، عن أبي


(١) أخرجه ابن ماجة بسنده ومتنه المصدر السابق (ح ٤٠١٧) وتقدم تخريجه وتحسينه في تفسير الآية رقم ٥٤ من هذه السورة الكريمة، وحكمه موافق لما ذهب إليه الحافظ ابن كثير.
(٢) تقدم تخريجه كسابقه، وورد بعده مباشرة.
(٣) أخرجه ابن ماجة بسنده ومتنه (المصدر السابق ح ٤٠١٥)، وصحح سنده البوصيري (مصباح الزجاجة ٣/ ٢٤٤)، ويؤيد هذا قول ابن كثير لأنَّهُ يشير إلى تقويته بحديث أبي تعلبة الآتي في سورة المائدة آية ١٠٥.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف معضل، بل فيه نكارة وهو ذكر الخلود في النار!
(٦) كذا في (حم) و (مح) والتقريب، وفي الأصل صحف إلى: "عفر".