للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن الكوفي، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، عن النَّبِيّ فذكر مثله (١). وهذا حديث ضعيف على كل حال، واللّه أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ أي: لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسول والقرآن لما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين في الباطن، ومعاداة المؤمنين باللّه والنبي وما أنزل إليه، ﴿وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ أي: خارجون عن طاعة الله ورسوله، مخالفون لآيات وحيه وتنزيله.

﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (٨٤) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٨٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (٨٦)﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: نزلت هذه الآيات في النجاشي وأصحابه الذين حين تلا عليهم جعفر بن أبي طالب بالحبشة القرآن، بكوا حتَّى [أخضلوا] (٢) لحاهم (٣).

وهذا القول فيه نظر، لأن هذه الآية مدنية، وقصة جعفر مع النجاشي قبل الهجرة.

وقال سعيد بن جبير والسدي وغيرهما: نزلت في وفد بعثهم النجاشي إلى النَّبِيّ ليسمعوا كلامه ويروا صفاته، فلما رأوه وقرأ عليهم القرآن أسلموا وبكوا وخشعوا، ثم رجعوا إلى النجاشي فأخبروه (٤).

قال السدي: فهاجر النجاشي فمات بالطريق (٥).

وهذا من أفراد السدي، فإن النجاشي مات وهو ملك الحبشة، وصلى عليه النَّبِيّ يوم مات، وأخبر به أصحابه، وأخبر أنه مات بأرض الحبشة. ثم اختلف في عدة هذا الوفد، فقيل: اثنا عشر: سبعة قساوسة وخمسة رهابين. وقيل: بالعكس. وقيل: خمسون. وقيل: بضع وستون. وقيل: سبعون رجلًا، فاللّه أعلم.

وقال عطاء بن أبي رباح: هم قوم من أهل الحبشة أسلموا حين قدم عليهم مهاجرة الحبشة من المسلمين (٦).


(١) ضعفه الحافظ إضافة للنكارة المذكورة في سابقه.
(٢) كذا في (حم) و (مح) وفي الأصل: "اخضبوا".
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به نحوه.
(٤) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بأسانيد مرسلة يقوي بعضها بعضًا عن سعيد بن جبير وعن السدي.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي لكنه مرسل تفرد به.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين وهو ابن داود وهو ضعيف، ويشهد له ما سبق عن ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي.