للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ فقال: دع القسيسين في البيع والخرب، أقرأني رسول الله : "ذلك بأن منهم صديقين ورهبانًا" (١)، وكذا رواه ابن مردويه من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن نُصير بن زياد الطائي، عن صلت الدهان، عن حامية بن رئاب، عن سلمان به (٢).

قال ابن أبي حاتم: ذكره أبي، حَدَّثَنَا يحيى بن عبد الحميد الحِمّاني، حَدَّثَنَا نصير بن زياد الطائي، حَدَّثَنَا صلت الدهان، عن حامية بن رئاب قال: سمعت سلمان وسئل عن قوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ فقال: هم الرهبان الذين هم في الصوامع والخرب فدعوهم فيها، قال سلمان: وقرأت على النَّبِيّ : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا﴾ فأقرأني "ذلك بأن منهم صديقين ورهبانًا" (٣).

فقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ تضمن وصفهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع،

ثم وصفهم بالانقياد للحق واتباعه والإنصاف، فقال: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ أي: مما عندهم من البشارة ببعثة محمد ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ أي: مع من يشهد بصحة هذا ويؤمن به.

وقد روى النسائي عن عمرو بن علي الفلاس، عن عمر بن علي بن مقدم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير قال: نزلت هذه الآية في النجاشي وفي أصحابه ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٨٣)(٤). وروى ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في مستدركه من طريق [سماك] (٥)، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: ﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ أي: مع محمد وأمته هم الشاهدون، يشهدون لنبيهم أنه قد بلغ وللرسل أنهم قد بلغوا، ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (٦).

وقال الطبراني: حَدَّثَنَا أبو شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا العباس بن الفضل، عن عبد الجبار بن نافع الضبي، عن قتادة، وجعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ﴾ قال: إنهم كانوا نوّاتين يعني: ملاحين (٧)، قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة،


(١) أخرجه البزار بسنده ومتنه (البحر الزخار ٦/ ٤٩٩ ح ٢٥٣٧)، وسنده ضعيف لضعف نصير بن زياد (المجمع ٧/ ١٧)، وكذلك فيه حامية بن رئاب سكت عنه البخاري (التاريخ الكبير ٣/ ١١٨)، وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٣/ ٣١٤).
(٢) وسنده ضعيف للعلل المتقدمة في سابقه.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف للعلل المتقدمة في سابقه.
(٤) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى - التفسير - سورة المائدة قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ﴾ [٨٣] ١/ ٤٤٣ ح ٦٨). وسنده صحيح. قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عثمان بن بحر: ثقة (المجمع ٩/ ٤١٩).
(٥) كذا في (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل صحف إلى: "مالك".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم من طريق سماك به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣١٣).
(٧) استشهد ابن الأثير بهذا الأثر وذكر أن النوتي هو الملّاح (النهاية ٥/ ١٢٣).