للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتصوم رمضان، وإنك لا ترى نار مشرك إلا وأنت له حرب" (١) وهذا مرسل من هذا الوجه، وقد روي متصلًا من وجه آخر عن رسول الله أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين" ثم قال: "لا يتراءى ناراهما" (٢).

وقال أبو داود في آخر كتاب الجهاد: حدثنا محمد بن داود بن سفيان، أخبرني يحيى بن حسان، أنبأنا سليمان بن موسى أبو داود، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة [بن جندب، أخبرني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة] (٣)، عن سمرة بن جندب: أما بعد قال رسول الله : "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" (٤).

وذكر الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن هرمز، عن محمد وسعيد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله : "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات، وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث حاتم بن إسماعيل به بنحوه (٥)، ثم روى من حديث عبد الحميد بن سليمان: عن ابن عجلان، عن [ابن وثيمة النصري] (٦) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" (٧).

ومعنى قوله: ﴿إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ أي: إن لم تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين وإلا وقعت فتنة في الناس، وهو: التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل.

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥)﴾.

لما ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدنيا عطف بذكر مالهم في الآخرة، فأخبر عنهم بحقيقة الإيمان كما تقدم في أول السورة وأنه سبحانه سيجازيهم بالمغفرة والصفح عن الذنوب إن كانت، وبالرزق


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل ويتقوى بالحديث الموصول التالي:
(٢) أخرجه أبو داود من حديث جرير بن عبد الله (السنن، الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود ح ٢٦٤٥)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٣٠٤).
(٣) ما بين المعقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عم) و (مح) و (حم) وسنن أبي داود.
(٤) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الجهاد، باب في الإقامة بأرض الشرك ح ٢٧٨٧) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٢٤٢٠).
(٥) سنن الترمذي، النكاح، باب ما جاء فيمن ترضون دينه فزوجوه (ح ١٠٩٧) وحسنه الألباني بشاهد قبله (صحيح سنن الترمذي ح ٨٦٦).
(٦) كذا في (عم) وسنن الترمذي، وفي الأصل: "ابن أبي وثيمة النصري".
(٧) أخرجه الترمذي من طريق عبد الحميد بن سليمان به (السنن، النكاح، باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه ح ١٠٨٤) وكذا ابن ماجه (السنن، النكاح، باب الأكفاء ح ١٩٦٧) وحسنه الألباني في (صحيح سنن ابن ماجه ح ١٦٠١).