للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروى ابن أبي حاتم: حدثنا بشر بن مسلم بن عبد الحميد الحمصي بحمص، حدثنا الربيع بن روح، حدثنا محمد بن خالد الوهبي، حدثنا زياد يعني: الجصاص، عن أبي عثمان قال: قلت: يا أبا هريرة سمعت من إخواني بالبصرة أنك تقول: سمعت نبي الله يقول: "إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة" قال أبو هريرة: بل سمعت رسول الله يقول: "إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة" ثم تلا هذه الآية ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ فالدنيا ما مضى منها وما بقي منها عند الله قليل (١).

[وقال الثوري، عن الأعمش في الآية ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾] (٢) قال: كزاد الراكب (٣).

وقال عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه: لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة. قال: ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه، فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال: أما لي من كبير ما أخلف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولّى ظهره، فبكى وهو يقول: أفٍ لَكِ من دار إن كان كثيركِ لقليل، وإن كان قليلكِ لقصير، وإن كنَّا منكِ لفي غرور (٤).

ثم توعد تعالى من ترك الجهاد فقال: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ قال ابن عباس: استنفر رسول الله حيًا من العرب فتثاقلوا عنه، فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم (٥). ﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ أي: لنصرة نبيه وإقامة دينه كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨] ﴿وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾ أي: ولا تضروا الله شيئًا بتوليكم عن الجهاد، ونكولكم وتثاقلكم عنه ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾ أي: قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم.

وقد قيل: إن هذه الآية وقوله: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١] وقوله: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٢٠] إنهن منسوخات بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ [التوبة: ١٢٢] روي هذا عن ابن عباس وعكرمة والحسن وزيد بن أسلم (٦)، وردَّه ابن جرير وقال: إنما هذا فيمن دعاهم


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف زياد، وهو ابن أبي زياد الجصاص، مجمع على ضعفه (ميزان الاعتدال ٢/ ٨٩).
(٢) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (عم) و (حم) و (مح).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق الثوري به.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق إبراهيم بن الأشعث المعروف بلام، عن عبد العزيز بن أبي حازم به، ولام هذا روى حديثًا موضوعًا (ينظر الجرح والتعديل ٢/ ٨٨).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم والطبري وأبو داود (السنن، الجهاد، باب في نسخ تفسير العامة بالخاصة ح ٢٥٠٦) والحاكم (المستدرك ٢/ ١١٨) كلهم من طريق نجدة بن نفيع الحنفي عن ابن عباس وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وفي سنده نجدة بن نفيع قال ابن حجر: مجهول كما في التقريب وقال الذهبي: لا يعرف، ميزان الاعتدال ٤/ ٢٤٥).
(٦) ذكرهم ابن أبي حاتم بحذف السند إلا قول ابن عباس أخرجه بسند ضعيف من طريق عطاء الخراساني، وقول عكرمة والحسن البصري أخرجه ابن الجوزي بسند حسن من طريق يزيد النحوي عنه. (نواسخ القرآن ص ٣٦٤ - ٣٦٥).