للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استغفرنا له، ومن أصرَّ فالله أولى به، ولا تخرقنَّ على أحد سترًا". قال: وكذا رواه أبو أحمد الحاكم عن أبي بكر الباغندي عن هشام بن عمار به (١).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة في هذه الآية أنه قال: ما بال أقوام يتكلفون علم الناس، فلان في الجنة وفلان في النار، فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال: لا أدري لعمري أنت بنفسك أعلم منك بأحوال الناس، ولقد تكلفت شيئًا ما تكلفه الأنبياء قبلك، قال نبي الله نوح : ﴿وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١٢] وقال نبي الله شعيب : ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)[هود] وقال الله تعالى لنبيه : ﴿لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ (٢).

وقال السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس في هذه الآية قال: قام رسول الله خطيبًا يوم الجمعة فقال: "اخرج يا فلان فإنك منافق، واخرج يا فلان إنك منافق" فأخرج من المسجد ناسًا منهم فضحهم، فجاء عمر وهم يخرجون من المسجد فاختبأ منهم حياء أنه لم يشهد الجمعة وظن أن الناس قد انصرفوا، واختبأوا هم من عمر ظنوا أنه قد علم بأمرهم، فجاء عمر فدخل المسجد فإذا الناس لم يصلوا، فقال له رجل من المسلمين: أبشر يا عمر قد فضح الله المنافقين اليوم، قال ابن عباس: فهذا العذاب الأول حين أخرجهم من المسجد، والعذاب الثاني عذاب القبر (٣)، وكذا قال الثوري عن السدي عن أبي مالك نحو هذا (٤).

وقال مجاهد في قوله: ﴿سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ﴾: يعني: القتل والسبي (٥)، وقال في رواية: بالجوع وعذاب القبر (٦)، ثم يردون إلى عذاب عظيم.

وقال ابن جريج: عذاب الدنيا وعذاب القبر، ثم يردون إلى عذاب النار (٧).

وقال الحسن البصري: عذاب في الدنيا وعذاب في القبر (٨).

وقال عبد الرحمن بن زيد: أما عذاب في الدنيا فالأموال والأولاد، وقرأ قوله تعالى: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [التوبة: ٥٥] فهذه المصائب لهم عذاب وهي للمؤمنين أجر، وعذاب في الآخرة في النار ﴿ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ﴾ قال: النار (٩).


(١) في سنديهما إبهام شيخ ابن جابر، وابن جابر، وسنده ضعيف ومتنه فيه غرابة.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح إلى قتادة.
(٣) أخرجه الطبري عن الحسين بن عمرو العنقزي عن أبيه عن أسباط عن السدي به، وعزاه الهيثمي إلى الطبراني في المعجم الأوسط وضعفه بسبب ضعف الحسين بن عمرو العنقزي (مجمع الزوائد ٧/ ٣٣)، وفي متنه غرابة ومنها أن عمر اختبأ منهم حياء لأنه لم يشهد الجمعة، فمثل هذا لا يقبل من رجل متشيع كالسدي.
(٤) لم يذكر فيه الصحابي ابن عباس .
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق حجاج عن ابن جريج ويتقوى بسابقه ولاحقه.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن معمر عن الحسن.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد.