للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صَلَاتَكَ﴾ على الإفراد (١) ﴿سَكَنٌ لَهُمْ﴾ قال ابن عباس: رحمة لهم (٢). وقال قتادة: وقار (٣).

وقوله: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ﴾ أي: لدعائك ﴿عَلِيمٌ﴾ أي: بمن يستحق ذلك منك ومن هو أهل له، قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا أبو العميس، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن حذيفة، عن أبيه أن النبي كان إذا دعا لرجل أصابته وأصابت ولده وولد ولده (٤)، ثم رواه عن أبي نعيم، عن مسعر، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة، عن ابن لحذيفة، قال مسعر: وقد ذكره مرةً عن حذيفة: إن صلاة النبي لتدرك الرجل وولده وولد ولده (٥).

وقوله: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ هذا تهييج إلى التوبة والصدقة اللَّتين كل منهما يحطُّ الذنوب ويمحصها ويمحقها، وأخبر تعالى أن كلَّ من تاب إليه تاب عليه، ومن تصدق بصدقة من كسب حلال، فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها حتى تصير التمرة مثل أُحد (٦)، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله كما قال الثوري ووكيع كلاهما عن عباد بن منصور، عن القاسم بن محمد، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله : "إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره، حتى أن اللقمة لتكون مثل أُحد" وتصديق ذلك في كتاب الله ﷿ ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ (٧).

وقال الثوري والأعمش كلاهما، عن عبد الله بن السائب، عن عبد الله بن أبي قتادة قال: قال عبد الله بن مسعود : إن الصدقة تقع في يد الله ﷿ قبل أن تقع في يد السائل، ثم قرأ هذه الآية ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾ (٨).

وقد روى ابن عساكر في تاريخه في ترجمة عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشقي وأصله حمصي، وكان أحد الفقهاء، روى عن معاوية وغيره، وحكى عنه حوشب بن سيف السكسكي الحمصي قال: غزا الناس في زمان معاوية وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغلَّ (٩) رجل من المسلمين مائة دينار رومية. فلما قفل الجيش ندم وأتى الأمير فأبى أن يقبلها منه.


(١) وكلتا القراءتين متواترتان.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه ٣٨/ ٣١١ (ح ٢٣٢٧٧) وضعفه محققوه لجهالة أبي بكر بن عمرو بن عُتبة. وفيه علة أخرى أن ابن حذيفة لم يذكر اسمه (وينظر: مجمع الزوائد ٨/ ٢٦٨).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٨/ ٤٠٣ ح ٢٣٣٩٤) وسنده كسابقه.
(٦) أي جبل أُحد المشهور.
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، في سورة التوبة وفي سورة البقرة آية ٢٧٦، وصححه أحمد شاكر هناك (التفسير ٦/ ١٦ - ٢٠ ح ٦٢٥٣ و ٦٢٥٧)، إلا أن قوله: وتصديق ذلك … إلخ، إدراج وليس من حديث رسول الله . وأصله في الصحيحين بدون هذا الإدراج.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري به، وسنده حسن.
(٩) أي سرق من الغنائم.