للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أبي أنس، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه أنه قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أُسس على التقوى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد رسول الله فقال رسول الله : "هو مسجدي" (١). وكذا رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن الليث وصححه الترمذي (٢)، ورواه مسلم كما سيأتي (٣).

(طريق أخرى): قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن أنيس بن أبي يحيى، حدثني أبي قال: سمعت أبا سعيد الخدري قال: اختلف رجلان رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف، في المسجد الذي أُسس على التقوى، فقال الخدري: هو مسجد رسول الله ، وقال العمري: هو مسجد قباء، فأتيا رسول الله فسألاه عن ذلك فقال: "هو هذا المسجد" لمسجد رسول الله ، وقال في ذلك خير كثير، يعني: مسجد قباء (٤).

(طريق أخرى): قال أبو جعفر بن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا حميد الخراط المدني، سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن أبي سعيد فقلت: كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أُسس على التقوى؟ فقال: إني أتيت رسول الله فدخلت عليه في بيت لبعض نسائه فقلت: يا رسول الله أين المسجد الذي أُسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفًا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال: "هو مسجدكم هذا" ثم قال: سمعت أباك يذكره (٥)، رواه مسلم منفردًا به عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد به، ورواه عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن حاتم بن إسماعيل عن حميد الخراط به (٦)، وقد قال بأنه مسجد النبي جماعة من السلف والخلف، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب (٧)، واختاره ابن جرير.

وقوله: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ دليل على استحباب الصلاة في المساجد القديمة المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده لا شريك له، وعلى استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء والتنزه عن ملابسة القاذورات.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عبد الملك بن عمير، سمعت شبيبًا أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب رسول الله : أن رسول الله صلى بهم الصبح، فقرأ الروم فيها، فأوهم فلما انصرف قال: "إنه يَلِبسُ علينا القرآن أنَّ أقوامًا منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء" (٨). ثم رواه من طريقين آخرين عن


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٧/ ٩٩ ح ١١٠٤٦) وصححه محققوه.
(٢) سنن الترمذي، التفسير، سورة التوبة (ح ٣٠٩٩)، والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾ [التوبة: ١٠٨] … (ح ١١٢٢٨).
(٣) تقدم تخريجه قبل خمس حواشي.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٧/ ٢٧٢ ح ١١١٧٨) وصحح سنده محققوه.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٦) تقدم تخريجه قبل ثمان حواشي.
(٧) أخرجه الطبري عنهم كلهم بأسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٨) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ٢٠٩ ح ١٥٨٧٣) وحسن سنده محققوه.