للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ﴾ وذلك أن يوسف كان يعطي كل رجل حمل بعير.

وقال مجاهد: حمل حمار، وقد يسمى في بعض اللغات بعيرًا (١)، كذا قال ﴿ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ﴾ هذا من تمام الكلام وتحسينه؛ أي إن هذا يسير في مقابلة أخذ أخيهم ما يعدل هذا

﴿قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ﴾ أي: تحلفون بالعهود والمواثيق ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ إلا أن تغلبوا كلكم ولا تقدرون على تخليصه ﴿فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ﴾ أكده عليهم، فقال: ﴿اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ﴾.

قال ابن إسحاق: وإنما فعل ذلك لأنه لم يجد بدًا من بعثهم لأجل الميرة التي لا غنى لهم عنها، فبعثه معهم (٢).

﴿وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦٨)﴾.

يقول تعالى إخبارًا عن يعقوب ، إنه أمر بنيه لما جهزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد إنه: خشي عليهم العين (٣)، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة، ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم، فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه.

وروى ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله: ﴿وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾ قال: علم أنه سيلقى إخوته في بعض تلك الأبواب (٤).

وقوله: ﴿وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي: إن هذا الاحتراز لا يرد قدر الله وقضاءه، فإن الله إذا أراد شيئًا لا يخالف ولا يمانع، ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧)

﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ قالوا: هي دفع إصابة العين لهم.

﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ قال قتادة والثوري: لذو عمل بعلمه (٥).


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق بنحوه.
(٣) قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم والطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عنه، ويتقوى بما يليه، وقول محمد بن كعب أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق أبي معشر عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وذلك في تفسير الآية التالية رقم (٦٨)، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني: وهو متهم بسرقة الحديث.
(٥) قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم والطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول الثوري =