للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[واسمه تعالى الرحمن خاص به لم يسم به غيره؛ كما قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠] وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)[الزخرف] ولما تجهرم مسيلمة الكذاب، وتسمى برحمن اليمامة، كساه الله جلباب الكذب، وشهره به، فلا يقال إلا مسيلمة الكذاب، فسار يضرب به المثل في الكذب بين أهل الحضر (وأهل المدر) (١) وأهل (الوبر) (٢) من أهل البادية والأعراب] (٣).

وقد زعم بعضهم أن الرحيم أشد مبالغةً من الرحمن؛ لأنه أُكِّدَ به. (والمؤكد) (٤) لا يكون إلا أقوى من المؤكد.

والجواب: أن هذا ليس من باب (التأكيد) (٥)، وإنما هو من باب النعت (بعد النعت) (٦)؛ ولا يلزم فيه ما ذكروه.

وعلى هذا فيكون (تقديم) (٧) اسم الله الذي لم يسم به أحد غيره، ووصفه أولًا بالرحمن الذي منع من التسمية به لغيره، كما قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الإسراء: ١١٠] وإنما تجهرم مسيلمة اليمامة في التسمي به، ولم يتابعه على ذلك إلا من كان معه في الضلالة.

وأما الرحيم فإنه تعالى وصف به غيره حيث قال: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)[التوبة] كما وصف غيره (بغير ذلك) (٨) من أسمائه، (في قوله) (٩): ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢)[الإنسان].

والحاصل أن من أسمائه تعالى ما يسمى به غيره، ومنها ما لا يسمى به غيره؛ (كاسمه) (١٠) الله، والرحمن، والخالق، و (الرزاق) (١١) ونحو ذلك؛ فلهذا بدأ باسم الله ووصفه بالرحمن؛ لأنه أخص وأعرف من الرحيم؛ لأن التسمية أولًا إنما تكون بأشرف الأسماء؛ فلهذا ابتدأ بالأخص فالأخص.

فإن قيل: فإذا كان الرحمن أشد مبالغةً فهلا اكتفى به عن الرحيم؟ فقد روى عن عطاء الخراساني ما معناه أنه لما تسمى غيره -تعالى- بالرحمن جيء بلفظ الرحيم؛ ليقطع (التوهم) (١٢)


(١) في (هـ) و (ى): ". . . الحضر من أهل المدر".
(٢) في (ك): "المدر".
(٣) ساقط من (ز).
(٤) في (ز) و (هـ) و (ى): "والتأكيد".
(٥) في (ز): "التوكيد".
(٦) ساقط من (ز) و (ن).
(٧) في (ن): "تقدير"!! وفي (ك): "تقدم"!
(٨) كذا في (ج) و (ع) و (ك) و (هـ) و (ى)، ووقع في (ز) و (ن): "كما وصف غيره بذلك". وفي (ل): "غيره بعد ذلك من أسمائه".
(٩) في (ن): "كما قال تعالى".
(١٠) ساقط من (ن) وفي (ز): "كاسم".
(١١) كذا في (ز) و (ع) و (ك)، ووقع في (ج) و (ل) و (ن) و (هـ) و (ى): "الرازق" بتقديم الألف على الزاي، ولعله سبق قلم.
(١٢) في (ن): "الوهم" وأشار في الهامش إلى ما أثبته.