للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي: إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم، كما جاء في الحديث "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا" (١).

وقال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (١٣)[العنكبوت] ولهذا روى العوفي عن ابن عباس في الآية ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أنها كقوله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ (٢).

وقال مجاهد: يحملون أثقالهم ذنوبهم وذنوب من أطاعهم، ولا يُخفِّف عمن أطاعهم من العذاب شيئًا (٣).

﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٢٦) ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (٢٧)﴾.

قال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ قال: هو النمرود الذي بنى الصرح (٤).

قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد نحوه (٥).

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم: أول جبار كان في الأرض النمرود، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه فضرب بهما رأسه وكان جبارًا أربعمائة سنة، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه، ثم أماته، وهو الذي بنى الصرح إلى السماء الذي قال الله تعالى: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ (٦).

وقال آخرون: بل هو بختنصر (٧)، وذكروا من المكر الذي حكاه الله ههنا كما قال في سورة إبراهيم ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ [٤٦].

وقال آخرون: هذا من باب المثل لإبطال ما صنعه هؤلاء الذين كفروا بالله وأشركوا في عبادته غيره، كما قال نوح : ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢)[نوح] أي: احتالوا في إضلال الناس بكل


(١) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (الصحيح، العلم، باب من سنَّ سُنَّة حسنة أو سيئة … ح ٢٦٧٤).
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى بما يليه.
(٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح.
(٦) أخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق به، وسنده صحيح إلى زيد بن أسلم لكنه مرسل.
(٧) ذكره الطبري بدون سند.