للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال قتادة (١) والسدي: تقلبهم أي: أسفارهم.

وقال مجاهد والضحاك وقتادة: ﴿فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ في الليل والنهار كما قال تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨)[الأعراف]

وقوله: ﴿فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ أي: لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه.

وقوله: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ أي: أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم، فإنه يكون أبلغ وأشد، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد، ولهذا قال العوفي عن ابن عباس: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ يقول: إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك (٢)، وكذا روي عن مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم (٣).

ثم قال تعالى: ﴿فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ أي: حيث لم يعاجلكم بالعقوبة، كما ثبت في الصحيحين: ["لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم" (٤)] (٥) وفي الصحيحين: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ رسول الله ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)[هود] (٦) وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨)[الحج].

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)﴾.

يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وكبريائه الذي خضع له كل شيء، ودانت له الأشياء والمخلوقات بأسرها: جماداتها وحيواناتها، ومكلفوها من الإنس والجن، والملائكة، فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال؛ أي: بكرةً وعشيًا فإنه ساجد بظله لله تعالى.

قال مجاهد: إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله ﷿ (٧)، وكذا قال قتادة والضحاك وغيرهم (٨). وقوله: ﴿وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ أي: صاغرون.


(١) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس بنحوه، ويشهد له ما يليه.
(٣) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري ويتقوى بسابقه.
(٤) صحيح البخاري، الأدب، باب الصبر في الأذى (ح ٦٠٩٩)، وصحيح مسلم، صفات المنافقين، باب لا أحد أصبر على أذى من الله ﷿ (ح ٢٨٠٤).
(٥) زيادة من (حم) و (مح) و (ح).
(٦) تقدم تخريجه في تفسير سورة هود آية ١٠٢.
(٧) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق منصور عن مجاهد.
(٨) قول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق معمر عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند حسن من طريق ثابت عنه.