فاعلم أيها المسترشد أن ابن جرير يروي تفسير السدي من طريق شيخه موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثني عمرو بن حماد القناد، قال: "حدثنا أسباط بن نصر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، عن أبي مالك وأبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي-ﷺ". . . فالإسناد إلى السدي واحد، ثم يتفرع من عنده. ولتنظر فيه. فاعلم أن السدي يروي تفسيره بعدة أسانيد وبيانها هكذا: ١ - السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس. ٢ - السدي عن أبي صالح، عن ابن عباس. ٣ - السدي عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود. ٤ - السدي عن ناس من أصحاب النبي-ﷺ. فأما الإسناد الأول: فأبو مالك هو الغفاري، واسمه غزوان وثقه ابن معين وابن حبان، وقال ابن سعد (٦/ ٢٩٥): "كان قليل الحديث". وأما الإسناد الثاني: ففيه أبو صالح وهو مولى أم هانئ، واسمه باذام ويقال: باذان وفيه كلام كثير والصواب في حاله أنه ضعيف، وهو يروي في التفسير ما لم يتابعه أهل التفسير عليه كما قال ابن عدي، لكنه متابع بأبي مالك الغفاري. وأما الإسناد الثالث: فمرة الهمداني هو ابن شراحيل، وهو من كبار التابعين الثقات. وأما الإسناد الرابع: فمنقطع، فإن السدي لم يدرك كبير أحدٍ من أصحاب النبي ﷺ وجملة الكلام أن السدي يروي تفسير القرآن عن اثنين من التابعين عن ابن عباس، وعن تابعي واحد عن ابن مسعود، ومن رواية نفسه عن ناس من الصحابة. فالإسنادان الأول والثالث جيدان، والثاني والرابع ضعيفان. وقد أثنى العلماء على تفسير السدي، فقال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (١/ ٣٩٧، ٣٩٨): "وتفسير إسماعيل بن عبد الرحمن السدي فإنما يسنده بأسانيد إلى عبد الله بن مسعود وابن عباس وروى عن السدي الأئمة مثل: الثوري وشعبة، لكن التفسير الذي جمعه رواه عنه أسباط بن نصر وأسباط لم يتفقوا عليه، غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي". اهـ. وجملة القول: أن إسناد تفسير السدي جيد حسن. والله أعلم. (١) أخرجه ابن نصر في "السنة" (٢٥)؛ وابن جرير (١٧٨)؛ والحاكم (٢/ ٢٥٨، ٢٥٩)؛ والثعلبي في "تفسيره" (١/ ١٢/ ٢) من طريق الحسن بن صالح، زاد ابن جرير: وعلي بن صالح، كلاهما عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي، والصواب: أن إسناده حسن؛ لأجل الكلام الذي قيل في ابن عقيل. والله أعلم. وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ١٤، ١٥) لـ "وكيع، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والمحاملي في "الأمالي"". (٢) ساقط من (ل). (٣) في (ن): "هو الإسلام أوسع" وفي (هـ): "هو الإسلام هو أوسع". (٤) أخرجه ابن جرير (١٨١) من طريق إسماعيل الأزرق، عن أبى عمر البزار، عن ابن الحنفية. وإسناده واهٍ، وإسماعيل الأزرق هو ابن سلمان تركه ابن نمير والنسائي. وقال ابن معين: "ليس حديثه بشيء" وقال=