للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[وروى ابن أبي (١) حاتم، وابن جرير، من حديث] (٢) أبي النضر هاشم بن القاسم، حدثنا حمزة بن المغيرة، عن عاصم الأحول، عن أبي العالية ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾ قال: هو النبي وصاحباه من بعده. قال عاصم: فذكرنا ذلك للحسن، فقال: صدق أبو العالية ونصح.

وكل هذه الأقوال صحيحة، وهي متلازمة، فإن من اتبع النبي ، واقتدى باللذين من بعده: أبي بكر، وعمر - فقد اتبع الحق؛ [ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن] (٢)؛ وهو كتاب الله، وحبله المتين، وصراطه المستقيم؛ فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضًا، ولله الحمد.

وقال الطبراني (٣): حدثنا محمد بن الفضل السقطي، حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله؛ قال: الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله .

ولهذا قال الإمام أبو جعفر (٤) بن جرير : والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي أعني: ﴿(اهْدِنَا) (٥) الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ أن يكون معنيًّا به: وفقنا للثبات على ما ارتضيته، ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك من قول وعمل؛ وذلك هو الصراط المستقيم؛ لأن من وفق لما وفق له من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فقد وفق للإسلام، وتصديق الرسل، والتمسك بالكتاب، والعمل بما أمره الله به، والانزجار عما زجره عنه، واتباع منهاج النبي ومنهاج الخلفاء الأربعة، وكل عبد صالح؛ وكل ذلك من الصراط المستقيم.

فإن قيل: (فكيف) (٦) يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها، وهو متصف بذلك؟ فهل هذا من تحصيل الحاصل أم لا؟ فالجواب: أن لا، ولولا احتياجه ليلًا ونهارًا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله تعالى إلى ذلك، فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في (تثبيته) (٧) على الهداية، ورسوخه فيها، وتبصره وازدياده منها، واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله؛ فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده


(١) أخرجه ابن حبان في "الثقات" (٦/ ٢٢٩) معلقًا؛ ووصله ابن جرير (١٨٤)؛ وابن أبي حاتم (٣٤)؛ وابن نصر في "السنة" (٢٧) من طرق عن هشام بن القاسم بسنده سواء؛ وأخرجه الحاكم (٢/ ٢٥٩) من طريق الحارث بن أبي أسامة عن هاشم بن القاسم بسنده سواء لكنه جعله عن "أبي العالية عن ابن عباس"، وكأن ذكر "ابن عباس" مقحم في السند؟! وقال الحاكم: "صحيح الإسناد" ووافقه الذهبي وإسناده جيد، وحمزة بن المغيرة بن نشيط وثقه ابن حبان، وقال ابن معين: "ليس به بأس".
(٢) ساقط من (ج).
(٣) في "معجمه الكبير" (ج ١٠/ رقم ١٠٤٥٤) وسنده صحيح. ومحمد بن الفضل هو ابن جابر السقطي شيخ الطبراني، قال الدارقطني: "صدوق" ووثقه الخطيب في "تاريخه" (٣/ ١٥٣) ومن فوقه ثقات.
(٤) في "تفسيره" (١/ ١٧١).
(٥) ساقط من (ج).
(٦) في (ز): "كيف".
(٧) في (ج): "تثبته".