للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالمعونة والثبات والتوفيق، فالسعيد من وفقه (الله تعالى) (١) لسؤاله؛ فإنه تعالى قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه، ولا سيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار.

وقد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ الآية [النساء: ١٣٦] فقد أمر الذين آمنوا بالإيمان، وليس من باب تحصيل الحاصل؛ لأن المراد الثبات والاستمرار والمداومة على الأعمال المعينة على ذلك. والله أعلم.

[(وقد) (٢) قال تعالى آمرًا لعباده المؤمنين أن يقولوا: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)[آل عمران] وقد كان الصديق (٣) (رضي الله] (٤) [عنه) (٥) يقرأ بهذه الآية في الركعة الثالثة من صلاة المغرب بعد الفاتحة سرًّا؛ فمعنى قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾ استمر بنا عليه، ولا تعدل بنا إلى غيره، (ولا تضلنا عنه) (٦)] (٧).

﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾.

قد تقدم الحديث فيما إذا قال العبد: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦). . .﴾ إلى آخرها أن الله (تعالى) (٨) يقول: "هذا لعبدي ولعبدي ما سأل".

وقوله (تعالى) (٨): ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ مفسر للصراط المستقيم، هو بدل منه عند النحاة. ويجوز أن يكون عطف بيان، والله أعلم.

والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في "سورة النساء" حيث قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)﴾.


(١) كذا في (ز) و (ك) و (ن) ووقع في (ج) و (ع) و (ل) و (هـ) و (ى): "من وفقه لسؤاله".
(٢) من (هـ).
(٣) ساقط من (ز).
(٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٧٩/ ٢٥) ومن طريقه عبد الرزاق في "المصنف" (ج ٢/ رقم ٢٦٩٨)؛ وابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ١١٢) بسند صحيح عن أبي عبد الله الصنابحي قال: قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق، فصليت وراءه المغرب، فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل، ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه، فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)﴾ [آل عمران] زاد عبد الرزاق: قال أبو عبيد: يعني شيخ مالك، وأخبرني عبادة؛ يعني: ابن نسي، أنه كان عند عمر بن عبد العزيز في خلافته، فقال عمر لقيس؛ يعني: ابن الحارث، كيف أخبرتني عن أبي عبد الله؛ يعني: الصنابحي، فحدثه، فقال عمر: ما تركناها منذ سمعناها، وإن كنت قبل ذلك لعلى غير ذلك، فقال رجل: وعلى أي شيء كان أمير المؤمنين قبل ذلك؟ قال: كنت أقرأ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)﴾ [الإخلاص]، وأخرجه عبد الرزاق (٢٦٩٩)؛ وابن أبي شيبة (١/ ٣٧١) من طريق عن ابن عون، عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، أن الصنابحي قال: صليت مع أبي بكر المغرب، فدنوت منه. . . وساقه مثله وسنده صحيح أيضًا، زاد عبد الرزاق: عن محمد بن راشد قال: سمعت رجلًا يحدث به مكحولًا عن سهل بن سعد الساعدي أنه سمع أبا بكر قرأها في الركعة الثالثة، فقال له مكحول: إنه لم يكن من أبي بكر قراءة، إنما كان دعاءً منه.
(٥) ساقط من (ج) و (ل).
(٦) ساقط من (ن).
(٧) ساقط من (ز).
(٨) من (ج) و (ع) و (ل) و (ى).