للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الضحاك (١)، عن ابن عباس: صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين؛ وذلك نظير ما قال ربنا تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. . .﴾ الآية.

وقال أبو جعفر (٢) الرازي، عن الربيع بن أنس: (﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾) قال: هم النبيُّون.

وقال ابن (٣) جريج، عن ابن عباس: هم المؤمنون، وكذا قال مجاهد (٤). وقال وكيع (٥): هم المسلمون. وقال عبد الرحمن (٦) بن زيد بن أسلم: هم النبي ومن معه.

والتفسير المتقدم عن ابن عباس أعم وأشمل. والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ (٧) [قرأ الجمهور "غير" بالجر على النعت. قال الزمخشري (٨): وقرئ بالنصب على الحال، وهي قراءة رسول الله ، وعمر بن الخطاب، ورويت (٩) عن ابن كثير؛ وذو الحال الضمير في عليهم، والعامل أنعمت] (٧).

(والمعنى) (١٠) اهدنا الصراط المستقيم صراط الذي أنعمت عليهم، ممن تقدم وصفهم ونعتهم؛ وهم أهل الهداية والاستقامة، والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره، غير صراط المغضوب عليهم؛ وهم الذين فسدت (إراداتهم) (١١)، فعلموا الحق وعدلوا عنه، ولا صراط الضالين؛ وهم الذين فقدوا العلم؛ فهم هائمون في الضلالة، لا يهتدون إلى الحق.

وأكد الكلام بـ "لا" ليدل على أن ثم مسلكين فاسدين؛ وهما طريقة اليهود والنصارى.

وقد زعم بعض النحاة أن "غير" هاهنا استثنائية، فيكون على هذا منقطعًا لاستثنائهم من المنعم عليهم، وليسوا منهم؛ وما أوردناه أولى؛ لقول الشاعر (١٢):


(١) من (ن).
(٢) أخرجه ابن جرير (١٨٨)؛ وابن أبي حاتم (٣٨) وسنده ضعيف جدًّا كما تقدم.
(٣) أخرجه ابن جرير (١٨٩)؛ وأبو جعفر الرازي وثقه جمع وتكلم فيه آخرون بسوء الحفظ، ولكن روايته هنا جيدة، فقد كان عالمًا بتفسير القرآن معتنيًا به، وتفسير أبي العالية نسخة يرويها عنه أبو جعفر، وهذا أحرى أن يكون جودها واعتنى بها بخلاف الحديث السرد. والله أعلم.
(٤) أخرجه ابن جرير (١٩٠) وإسناده ضعيف لانقطاعه بين ابن جريج وابن عباس.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٣٩) بسند ضعيف.
(٦) أخرجه ابن جرير (١٩١، ١٩٢) وإسناداه صحيحان.
(٧) ساقط من (ز).
(٨) في "الكشاف" (١/ ٩).
(٩) واختلف عن ابن كثير في هذا الحرف، فروى عنه الوجهان معًا: النصب والجر.
وانظر: "الحجة للقراء السبعة" (١/ ١٤٢ - ١٦٢)؛ لأبي علي الفارسي. وابن كثير هو عبد الله بن كثير بن عمرو المكي، أحد القراء السبعة المشاهير، قرأ على مجاهد وقرأ عليه أبو عمرو بن العلاء. توفي سنة (١٢٢ هـ) .
(١٠) في (ز): "يعني".
(١١) كذا في (ج) و (ع) و (ى) ووقع في (ز) و (ك) و (ل) و (ن) و (هـ): "إرادتهم" وأشار في (ى) أنه وقع في "نسخة": "آراؤهم".
(١٢) هو النابغة الذبياني، وهو في "ديوانه" (١٩٨) وهو يصف عيينة بن حصن بالجبن والجور كأنه جمل من=