للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن كعب القرظي: مجمع البحرين عند طنجة (١)، يعني في أقصى بلاد المغرب، فالله أعلم.

وقوله: ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ أي: ولو أني أسير حقبًا من الزمان.

قال ابن جرير : ذكر بعض أهل العلم بكلام العرب أن الحقب في لغة قيس سنة (٢)، ثم روى عن عبد الله بن عمرو أنه قال: الحقب ثمانون سنة (٣).

وقال مجاهد: سبعون خريفًا (٤).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا﴾ قال: دهرًا (٥)، وقال قتادة وابن زيد مثل ذلك (٦).

وقوله: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ وذلك أنه كان قد أمر بحمل حوت مملوح معه، وقيل له: متى فقدت الحوت، فهو ثمة، فسارا حتى بلغا مجمع البحرين، وهناك عين يقال لها عين الحياة، فناما هنالك، وأصاب الحوت من رشاش ذلك الماء، فاضطرب وكان في مكتل مع يوشع ، وطفر من المكتل إلى البحر، فاستيقظ يوشع وسقط الحوت في البحر فجعل يسير في الماء والماء له مثل الطاق لا يلتئم بعده (٧)، ولهذا قال تعالى: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ أي: مثل السرب في الأرض.

قال ابن جريج: قال ابن عباس: صار أثره كأنه حجر (٨).

وقال العوفي، عن ابن عباس: جعل الحوت لا يمس شيئًا من البحر إلا يبس حتى يكون صخرة (٩).

وقال محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن أُبي بن كعب قال: قال رسول الله حين ذكر حديث ذلك: ما انجاب ماء منذ كان الناس غير مسير مكان الحوت الذي فيه، فانجاب كالكوة حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه، فقال: ﴿ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ﴾ (١٠).

وقال قتادة: سرب من البحر حتى أفضى إلى البر، ثم سلك فيه فجعل لا يسلك طريقًا فيه إلا


= طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(١) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي، وأبو معشر هو السندي وكلاهما ضعيف.
(٢) ذكره الطبري وقد نقله عن الفراء كما في معاني القرآن ٢/ ١٥٤.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخه.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) وقول قتادة وابن زيد بلفظ: "زمانا"، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه، وقول ابن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه.
(٧) هذا النص طرف من حديث سيأتي ذكره كاملًا ومكررًا.
(٨) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج به، وسنده ضعيف لأن ابن جريج لم يسمع من ابن عباس.
(٩) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به. وهاتان الروايتان لهما شواهد تالية.
(١٠) أخرجه الطبري من طريق ابن إسحاق به، وله شاهد سيأتي برواية صحيحة.