للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مجاهد: صحف فيها علم (١).

وقد ورد في حديث مرفوع ما يقوي ذلك. قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده المشهور: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، حدثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي، عن عياش بن عباس [القتباني] (٢)، عن ابن حجيرة، عن أبي ذرّ رفعه قال: "إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من ذهب مصمت، مكتوب فيه: عجبت لمن أيقن بالقدر لم نصب، وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك، وعجبت لمن ذكر الموت لم غفل، لا إله إلا الله محمد رسول الله" (٣). وبشر بن المنذر هذا يقال له: قاضي المصيصة. قال الحافظ أبو جعفر العقيلي: في حديثه وهم.

وقد روي في هذا آثار عن السلف، فقال ابن جرير في تفسيره: حدثني يعقوب، حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة، حدثنا سلمة، عن نعيم العنبري وكان من جلساء الحسن قال: سمعت الحسن - يعني: البصري - يقول في قوله: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ قال: لوح من ذهب مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن؟ وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح؟ وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله (٤).

وحدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش، عن [عمرو] (٥) مولى غُفرَة قال: إن الكنز الذي قال الله في السورة التي يذكر فيها الكهف: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ قال: كان لوحًا من ذهب مصمت، مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجب لمن عرف النار ثم ضحك، عجب لمن أيقن بالقدر ثم نصب، عجب لمن أيقن بالموت ثم أمِنَ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله (٦).

وحدثني أحمد بن حازم الغفاري، حدثتنا هنادة بنت مالك الشيبانية قالت: سمعت صاحبي حماد بن الوليد الثقفي يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول في قول الله تعالى: ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ قال: سطران ونصف لم يتم الثالث: عجبت للموقن بالرزق كيف يتعب، وعجبت للمؤمن بالحساب كيف يغفل، وعجبت للمؤمن بالموت كيف يفرح؟ وقد قال الله: ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] قالت: وذكر أنهما حُفظا بصلاح أبيهما، ولم يذكر منهما صلاح، وكانت بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء، وكان نساجًا (٧).

وهذا الذي ذكره هؤلاء الأئمة وورد به الحديث المتقدم، وإن صحَّ لا ينافي قول عكرمة أنه


(١) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) كذا في (ح) و (حم) ومختصر زوائد مسند البزار، وفي الأصل صحف إلى: "القيناني".
(٣) أخرجه البزار بسنده ومتنه (مختصر زوائد مسند البزار ٢/ ٩١ ح ١٤٧٩) وسنده ضعيف، قال الهيثمي: الحارث وبشر لا أعرفهما. (مجمع الزوائد ٧/ ٥٦).
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل.
(٥) كذا في تفسير الطبري وفي التقريب، وفي الأصل صحف إلى: "عفير"، وفي (ح) و (حم) صحف إلى: "عمرو". والصواب ما أثبت، وهو عمر بن عبد الله المدني مولى غُفرة: ضعيف كثير الإرسال (التقريب ص ٤١٤).
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل أيضًا.
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل أيضًا.