للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم القيامة يختلط الإنس والجن (١).

وروى ابن جرير عن محمد بن حميد، عن يعقوب القمي، عن هارون بن عنترة، عن شيخ من بني فزارة في قوله: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ قال: إذا ماج الإنس والجن قال إبليس: أنا أعلم لكم علم هذا الأمر، فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد قطعوا الأرض، ثم يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد بطنوا الأرض، فيقول: ما من محيص، ثم يظعن يمينًا وشمالًا إلى أقصى الأرض فيجد الملائكة قد بطنوا الأرض، فيقول: ما من محيص، فبينما هو كذلك إذ عرض له طريق كالشراك فاخذ عليه هو وذريته، فبينما هم عليه إذ هجموا على النار، فأخرج الله خازنًا من خزان النار، فقال: يا إبليس ألم تكن لك المنزلة عند ربك؟ ألم تكن في الجنان؟ فيقول: ليس هذا يوم عتاب، لو أن الله فرض علي فريضة لعبدته فيها عبادة لم يعبده مثلها أحد من خلقه، فيقول: فإن الله قد فرض عليك فريضة، فيقول: ما هي؟ فيقول: يأمرك أن تدخل النار فيتلكأ عليه، فيقول: به وبذريته بجناحيه، فيقذفهم في النار، فتزفر النار زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى لركبتيه (٢)، وهكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث يعقوب القمي به (٣)، ثم رواه من وجه آخر عن يعقوب عن هارون بن عنترة، عن أبيه عن ابن عباس ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ قال: الإنس والجن يموج بعضهم في بعض (٤).

وقال الطبراني: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس الأصفهاني، حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا المغيرة بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي قال: "إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم، ولن يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفًا فصاعدًا، وإن من ورائهم ثلاث أمم: تاويل وتايس ومنسك" (٥) هذا حديث غريب، بل منكر ضعيف.

وروى النسائي من حديث شعبة، عن النعمان بن سالم، عن ابن عمرو بن أوس، عن أبيه، عن جده أوس بن أبي أوس مرفوعًا: "إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا، وشجر يلقحون كما شاؤوا، ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفًا فصاعدًا" (٦).

وقوله: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾ والصور كما جاء في الحديث: قرن ينفخ فيه، والذي ينفخ فيه إسرافيل ، كما تقدم في الحديث بطوله (٧)، والأحاديث فيه كثيرة.

وفي الحديث عن عطية، عن ابن عباس وأبي سعيد مرفوعًا: "كيف أنعم (٨) وصاحب القرن قد


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور ونسبه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وسنده مرسل.
(٣) سنده كسابقه.
(٤) تقدم عزوه قبل حاشيتين.
(٥) أخرجه الطيالسي عن المغيرة به (المسند ح ٢٢٨٢)، وضعفه الحافظ ابن كثير وزاد (في البداية والنهاية ٢/ ١٣١) وفيه نكارة شديدة.
(٦) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير، باب سورة الأنبياء، قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ [الأنبياء: ٩٦] ح ١١٣٣٤)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (ح ٢٠٢٧).
(٧) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنعام آية ٧٣.
(٨) أي: أفرح وأتنعم.