للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقم القرن وحنى جبهته (١) واستمع متى يؤمر؟ " قالوا: كيف نقول؟ قال: "قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا" (٢).

وقوله: ﴿فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ أي: أحضرنا الجميع للحساب ﴿قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠)[الواقعة] ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٧].

﴿وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عما يفعله بالكفار يوم القيامة أنه يعرض عليهم جهنم؛ أي يبرزها لهم ويظهرها ليروا ما فيها من العذاب والنكال قبل دخولها، ليكون ذلك أبلغ في تعجيل الهمّ والحزن لهم.

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "يؤتى بجهنم تقاد يوم القيامة بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" (٣).

ثم قال مخبرًا عنهم: ﴿الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ أي: تغافلوا وتعاموا وتصامّوا عن قبول الهدى واتباع الحق، كما قال: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)[الزخرف] وقال ههنا: ﴿وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ أي: لا يعقلون عن الله أمره ونهيه،

ثم قال: ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ﴾ أي: اعتقدوا أنهم يصلح لهم ذلك وينتفعون به ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢)[مريم]. ولهذا أخبر الله تعالى أنه قد أعدَّ لهم جهنم يوم القيامة منزلًا.

﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (١٠٦)﴾.

قال البخاري: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو، عن مصعب قال: سألت أبي - يعني سعد بن أبي وقاص - عن قول الله: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣)﴾ أهم الحرورية؟ قال: لا هم اليهود والنصارى، أما اليهود فكذبوا محمدًا ، وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا: لا طعام فيها ولا شراب، والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، فكان سعد يسميهم الفاسقين (٤).

وقال علي بن أبي طالب والضحاك وغير واحد: هم الحرورية (٥)، ومعنى هذا عن علي


(١) أي: أمالها، وهي كناية عن المبالغة في التوجه لإصغاء السمع.
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة آل عمران آية ١٧٣ من حديث ابن عباس . وكلا الطريقين ضعيف لضعف عطية وهو العوفي.
(٣) تقدم تخريجه في الآية رقم ٥٣ من هذه السورة الكريمة.
(٤) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣)﴾ ح ٤٧٢٨).
(٥) قول علي بن أبي طالب أخرجه البستي بسند صحيح من طريق أبي الطفيل عنه، وأخرجه الطبري من عدة طرق يقوي بعضها بعضًا.