للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحافظ ولم يتابع عليه (١).

وقد قال ابن جرير أيضًا: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن شمر، عن أبي يحيى، عن كعب قال: يؤتى يوم القيامة برجل عظيم طويل، فلا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرأوا ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ (٢).

وقوله: ﴿ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا﴾ أي: إنما جازيناهم بهذا الجزاء جهنم بسبب كفرهم واتخاذهم آيات الله ورسوله هزوًا، استهزؤوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (١٠٨)﴾.

يخبر تعالى عن عباده السعداء، وهم الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به، أن لهم جنات الفردوس، قال مجاهد: الفردوس هو البستان بالرومية (٣). وقال كعب والسدي والضحاك: هو البستان الذي فيه شجر الأعناب (٤)، وقال أبو أُمامة: الفردوس سرة الجنة (٥)، وقال قتادة: الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها، وقد روي هذا مرفوعًا من حديث سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي : "الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأحسنها" (٦). وهكذا رواه إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن سَمُرة مرفوعًا (٧)، وروي عن قتادة، عن أنس بن مالك مرفوعًا بنحوه روى ذلك كله ابن جرير ، وفي الصحيحين: "إذا سألتم الله الجنة، فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة" (٨). وقوله تعالى: ﴿نُزُلًا﴾ أي: ضيافة، فإن النزل الضيافة.

وقوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: مقيمين ساكنين فيها لا يظعنون عنها أبدًا ﴿لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾ أي: لا يختارون عنها غيرها ولا يحبون سواها،


(١) أخرجه البزار بسنده ومتنه وتعليقه، كما في مختصر زوائد مسند البزار (١/ ٦٥٠ ح ١١٧٧)، وضعفه الحافظ ابن حجر وقال الهيثمي: فيه عون بن عمارة وهو ضعيف (مجمع الزوائد ٥/ ١٢٨).
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده مرسل ويشهد له سابق المتفق عليه.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد الله بن كثير عن مجاهد.
(٤) قول كعب أخرجه ابن المبارك (الزهد رقم ١٤٦٠)، وابن أبي شيبة (المصنف ١٣/ ١٤٩)، والطبري، وقول السدي أخرجه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ١٣/ ١٤٨)، والطبري، والطبراني (المعجم الكبير ح ٧٩٦٦) كلهم من طريق الفرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير (ح ٣٢٧٣). وأخرجه الحاكم من طريق جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة، وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله: جعفر: هالك. (المستدرك ٢/ ٣٧١).
(٦) أخرجه الترمذي (السنن، التفسير، باب ومن سورة المؤمنون ح ٣١٧٤)، والطبري وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني إلا قوله: والفردوس ربوة. أنها مدرجة (السلسلة الصحيحة ٤/ ٤٢٧).
(٧) أخرجه الطبري من طريق إسماعيل بن مسلم به، وفي سنده الحسن لم يصرح بالسماع ولم يسمع من سَمُرة سوى حديث العقيقة.
(٨) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (الصحيح، الجهاد، باب درجات المجاهدين في سبيل الله ح ٢٧٩٠).