للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعلى والديه فقال: ﴿يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ أي: تعلم الكتاب بقوة؛ أي: بجد وحرص واجتهاد ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ أي: الفهم والعلم والجد والعزم والإقبال على الخير والإكباب عليه والاجتهاد فيه وهو صغير حدث، قال عبد الله بن المبارك: قال معمر: قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للعب خلقت، فلهذا أنزل الله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ (١).

وقوله: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ يقول: ورحمة من عندنا (٢)، وكذا قال عكرمة (٣) وقتادة والضحاك وزاد: لا يقدر عليها غيرنا (٤)، وزاد قتادة: رحم الله بها زكريا (٥).

وقال مجاهد: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ وتعطفًا من ربه عليه (٦).

وقال عكرمة: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ قال: محبة عليه (٧).

وقال ابن زيد: أما الحنان فالمحبة (٨).

وقال عطاء بن أبي رباح: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ قال: تعظيمًا من لدنا (٩).

وقال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة عن ابن عباس أنه قال: لا والله ما أدري ما حنانًا (١٠).

وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن منصور، سألت سعيد بن جبير عن قوله: ﴿وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا﴾ فقال: سألت عنها ابن عباس فلم يجد فيها شيئًا (١١).

والظاهر من السياق أن قوله: ﴿وَحَنَانًا﴾ معطوف على قوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾ أي: وآتيناه الحكم وحنانًا وزكاة؛ أي وجعلناه ذا حنان وزكاة، فالحنان هو المحبة في شفقة وميل، كما تقول العرب: حنَّت الناقة على ولدها وحنَّت المرأة على زوجها، ومنه سميت المرأة حنة من الحَنّة، وحنَّ الرجل إلى وطنه، ومنه التعطف والرحمة، كما قال الشاعر (١٢).

تَحنَّن عليّ هَداك المليك … فإن لكل مقام مقالا


(١) أخرجه الطبري عن أحمد بن مَنيع عن عبد الله بن المبارك به، ورجاله ثقات لكنه مرسل، وأخرجه عبد الرزاق عن معمر به.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق سِماك عن عكرمة.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٦) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه ابن حميد، وهو: محمد بن حميد الرازي: ضعيف.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب - وهو عبد الله - عن ابن زيد.
(٩) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين، وهو: ابن داود: ضعيف.
(١٠) أخرجه البُستي بسند صحيح من طريق ابن جريج به.
(١١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف ابن حميد، ولكنه توبع في الرواية السابقة فيكون السند حسنًا لغيره.
(١٢) هو الحُطيئة، والبيت في ديوانه ص ٧٢.