للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي المسند للإمام أحمد عن أنس أن رسول الله قال: "يبقى رجل في النار ينادي ألف سنة: يا حنان يا منان" (١)

وقد يثنى، ومنهم من يجعل ما ورد في ذلك لغة بذاتها، كما قال طرفة:

أبا منذر (٢) أفنيتَ فاستبق بعضَنا … حنانيك بعض الشر أهون من بعض (٣)

وقوله: ﴿وَزَكَاةً﴾ معطوف على ﴿وَحَنَانًا﴾، فالزكاة الطهارة من الدنس والآثام والذنوب.

وقال قتادة: الزكاة العمل الصالح (٤).

وقال الضحاك وابن جريج: العمل الصالح الزكي (٥).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا﴾ ذا طهر فلم يهمّ بذنب (٦).

وقوله: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤)﴾ لما ذكر تعالى طاعته لربه، وأنه خلقه ذا رحمة وزكاة وتقى، عطف بذلك طاعته لوالديه وبره بهما، ومجانبته عقوقهما قولًا وفعلًا، أمرًا ونهيًا، ولهذا قال: ﴿وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ ثم قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاء له على ذلك ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)﴾ أي: له الأمان في هذه الثلاثة الأحوال.

وقال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون المرء في ثلاثة مواطن: يوم يولد فيرى نفسه خارجًا مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر عظيم، قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصّه بالسلام عليه، فقال: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)﴾ رواه ابن جرير عن أحمد بن منصور المروزي، عن صدقة بن الفضل عنه (٧).

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ قال: كان ابن المسيب يذكر قال: قال رسول الله : "ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا" قال قتادة: عن الحسن قال: قال النبي ما أذنب ولا همّ بامرأة (٨)، مرسل.

وقال محمد بن إسحاق، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، حدثني ابن العاص أنه سمع النبي قال: "كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب، إلا ما كان من يحيى بن زكريا" (٩).

ابن إسحاق هذا مدلس، وقد عنعن هذا الحديث، فالله أعلم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا علي بن زيد، عن يوسف بن مهران،


(١) أخرجه الإمام أحمد مطولًا وقال محققوه: إسناده ضعيف جدًا (المسند ٢١/ ١٠٠ ح ١٣٤١١).
(٢) كنية عمرو بن هند.
(٣) ديوان طرفة بن العبد ٢٠٨.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٥) قول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه إبهام شيخ الطبري، وقول ابن جريج أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين وهو ابن داود: ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٨) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، ورجاله ثقات لكنه مرسل.
(٩) أخرجه الطبري عن ابن حميد عن سلمة عن ابن إسحاق به وفي سنده ابن حميد وهو: محمد بن حميد الرازي: ضعيف، وفيه أيضًا عنعنة ابن إسحاق.