للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعلم للرب مثلًا أو شَبهًا (١)، وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن جريج، وغيرهم (٢).

وقال عكرمة، عن ابن عباس: ليس أحد يسمى الرحمن غيره وتقدس اسمه (٣)

﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠)﴾.

يخبر تعالى عن الإنسان أنه يتعجب ويستبعد إعادته بعد موته، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥] وقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)[يس] وقال ههنا: ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)

﴿أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧)﴾ يستدل تعالى بالبداءة على الإعادة؛ يعني أنه تعالى قد خلق الإنسان ولم يك شيئًا، أفلا يعيده وقد صار شيئًا، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧] وفي الصحيح: "يقول الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني، وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني، أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من آخره، وأما أذاه إياي فقوله: إن لي ولدًا وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد" (٤).

وقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ﴾ أقسم الرب بنفسه الكريمة أنه لا بد أن يحشرهم جميعًا وشياطينهم الذين كانوا يعبدون من دون الله ﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾.

قال العوفي، عن ابن عباس: يعني: قعودًا، كقوله: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ [الجاثية: ٢٨] (٥).

وقال السدي في قوله: ﴿جِثِيًّا﴾: يعني: قيامًا (٦)، وروي عن مرة، عن ابن مسعود، مثله (٧).

وقوله: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ﴾ يعني: مِنْ كل أُمة، قاله مجاهد ﴿أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾ (٨).

قال الثوري، عن [علي بن الأقمر] (٩)، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: يحبس الأول


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة به.
(٢) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند جيد من طريق الأعمش عن مجاهد، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول ابن جريج أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق الحسين، وهو ابن داود: ضعيف، ويتقوى بما سبق.
(٣) أخرجه الحاكم من طريق سماك بن حرب عن عكرمة به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٧٥).
(٤) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (الصحيح، التفسير، سورة الإخلاص ح ٤٩٧٥).
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٧) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٨) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل بلفظ: "أبي" ثم بياض مقدار كلمة.
(٩) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.