للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على الآخر حتى إذا تكاملت العدة أتاهم جميعًا، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرمًا، وهو قوله: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩)(١).

وقال قتادة: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩)﴾ قال: ثم لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤساءهم في الشر (٢)، وكذا قال ابن جريج وغير واحد من السلف (٣)، وهذا كقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩)[الأعراف].

وقوله: ﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠)﴾ ثم ههنا لعطف الخبر على الخبر، والمراد أنه تعالى أعلم بمن يستحق من العباد أن يصلى بنار جهنم ويخلد فيها، وبمن يستحق تضعيف العذاب، كما قال في الآية المتقدمة: ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)﴾.

قال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد البرساني، عن أبي سُميَّة قال: اختلفنا في الورود فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم: يدخلونها جميعًا، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعًا، وقال سليمان بن مرة: يدخلونها جميعًا، وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، وقال: صمتًا إن لم أكن سمعت رسول الله يقول: "لا يبقى برٌّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت النار على إبراهيم حتى إن للنار ضجيجًا من بردِهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيًا" (٤)، غريب ولم يخرجوه.

وقال الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن معاوية، عن [بكار] (٥) بن أبي مروان، عن خالد بن معدان قال: قال أهل الجنة بعدما دخلوا الجنة: ألم يعدنا ربنا الورود على النار؟ قال: قد مررتم عليها وهي خامدة (٦).

وقال عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: كان عبد الله بن رواحة واضعًا رأسه في حجر امرأته، فبكى فبكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال: إني ذكرت قول الله ﷿: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ فلا أدري


(١) أخرجه البستي بسند حسن من طريق الثوري به.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن ابن جريج بمعناه، وفي سنده الحسين، وهو ابن داود: ضعيف.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه لجهالة أبي سُميَّة (المسند ٢٢/ ٣٩٦ ح ١٤٥٢٠).
(٥) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل صُحف إلى: "مكان".
(٦) أخرجه الطبري عن الحسن بن عرفة به، وسنده مرسل؛ لأن خالد بن معدان تابعي معروف بكثرة الإرسال، كما في التقريب.