للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال العوفي، عن ابن عباس: قوله: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ يعني: البر والفاجر، ألا تسمع إلى قول الله لفرعون: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨)﴾، ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)﴾ فسمى الورود على النار: دخولًا، وليس بصادر (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، هو: ابن مسعود: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ قال رسول الله : "يرد الناس النار كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم" (٢). [ورواه الترمذي عن عبد بن حميد] (٣)، عن عبيد الله، عن إسرائيل، عن السدي به. ورواه من طريق شعبة، عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود موقوفًا (٤)، هكذا وقع هذا الحديث ههنا مرفوعًا.

وقد رواه أسباط، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود قال: يرد الناس جميعًا الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل حتى إن آخرهم مرًّا رجل نوره على موضع إبهامي قدميه، يمر فيتكفأ به الصراط، والصراط دحض مزلة عليه حسك كحسك القتاد، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس (٥) … وذكر تمام الحديث، رواه ابن أبي حاتم.

وقال ابن جرير: حدثنا خلاد بن أسلم، حدثنا النضر، حدثنا إسرائيل، أخبرنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قوله: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ قال: الصراط على جهنم مثل حد السيف، فتمر الطبقة الأولى كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم. ثم يمرون والملائكة يقولون: اللهم سَلِّم سَلِّم (٦)، ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس (٧) وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة .

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، عن الجريري، عن [أبي السليل] (٨)، عن غنيم بن قيس قال: ذكروا ورود النار، فقال كعب: تمسك النار الناس كأنها متن إهالة حتى يستوي عليها أقدام الخلائق: برُّهم وفاجرهم، ثم يناديها منادٍ: أن امسكي أصحابك ودعي أصحابي، قال: فتخسف بكل ولي لها، وهي أعلم بهم من الرجل بولده، ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم. قال كعب: ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنة، مع كل واحد منهم عمود ذو


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وحسّن سنده محققوه (المسند ٧/ ٢٠٦ ح ٤١٤١).
(٣) كذا في (ح) و (حم) وسنن الترمذي، وفي الأصل صحف إلى: "ورواه الزهري عن محمد بن حميد".
(٤) سنن الترمذي، تفسير القرآن، باب ومن سورة مريم ح ٣١٦٠.
(٥) سنده حسن.
(٦) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن، وأخرجه الحاكم من طريق إسرائيل، به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٧٥).
(٧) أخرجه الشيخان (صحيح البخاري، الرقاق، باب صفة الجنة والنار ح ٦٥٦٥)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (ح ٢٢٢).
(٨) كذا في (ح) و (حم) وتفسير الطبري، وفي الأصل صُحف إلى: "ابن أبي ليلى".