للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١)[آل عمران]، فنكلوا أيضًا عن ذلك.

﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)﴾.

لما ذكر تعالى إمداد من هو في الضلالة فيما هو فيه وزيادته على ما هو عليه، أخبر بزيادة المهتدين هدى، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (١٢٥)[التوبة].

وقوله: ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ قد تقدم تفسيرها والكلام عليها وإيراد الأحاديث المتعلقة بها في سورة الكهف (١).

﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا﴾ أي: جزاء ﴿وَخَيْرٌ مَرَدًّا﴾ أي: عاقبة ومردًا على صاحبها.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: جلس رسول الله ذات يوم فأخذ عودًا يابسًا فحطَّ ورقه، ثم قال: "إن قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحانه الله، والحمد لله، تحط الخطايا كما تحط ورق هذه الشجرة الريح، خذهنَّ يا أبا الدرداء قبل أن يحال بينك وبينهن، هن الباقيات الصالحات، وهن من كنوز الجنة". قال أبو سلمة: فكان أبو الدرداء إذا ذكر هذا الحديث قال: لأهلّلنَّ الله، ولأكبرنَّ الله، ولأسبحنَّ الله، حتى إذا رآني الجاهل حسب أني مجنون (٢). وهذا ظاهره أنه مرسل، ولكن قد يكون من رواية أبي سلمة عن أبي الدرداء، والله أعلم، وهكذا وقع في سنن ابن ماجه من حديث أبي معاوية، عن عمر بن راشد، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي الدرداء … فذكر نحوه (٣).

﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (٨٠)﴾.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن خبَّاب بن الأرت قال: كنت رجلًا قينًا (٤) وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه منه، فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: لا والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث. قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيتك، فأنزل الله: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧)﴾ إلى قوله: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ (٥). أخرجه


(١) آية ٤٦.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وأخرجه الطبري من طريق عبد الرزاق به، وسنده ضعيف لضعف عمر بن راشد (التقريب ص ٤١٢).
(٣) سنن ابن ماجه، الأدب، باب فضل التسبيح (ح ٣٨١٣)، وسنده ضعيف كسابقه.
(٤) القين: الحدّاد.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ١١١) وسنده صحيح.