للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الآخرة حتى تألى وحلف على ذلك ﴿أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ أم له عند الله عهد سيؤتيه ذلك، وقد تقدم عند البخاري أنه الموثق (١).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: ﴿أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨)﴾ قال: لا إله إلا الله فيرجو بها (٢).

وقال محمد بن كعب القرظي: ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، ثم قرأ ﴿إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا﴾ (٣) (٤).

وقوله: ﴿كَلَّا﴾ هي حرف ردع لما قبلها، وتأكيد لما بعدها ﴿سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ﴾ أي: من طلبه ذلك وحكمه لنفسه بما يتمناه وكفره بالله العظيم، ﴿وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا﴾ أي: في الدار الآخرة على قوله ذلك وكفره بالله في الدنيا،

﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ أي: من مال وولد نسلبه منه عكس ما قال: إنه يؤتى في الدار الآخرة مالًا وولدًا زيادة على الذي له في الدنيا؛ بل في الآخرة يسلب منه الذي كان له في الدنيا، ولهذا قال تعالى: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ أي: من المال والولد.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ قال: نرثه (٥).

قال مجاهد: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ ماله وولده. وذلك الذي قال العاص بن وائل (٦).

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ قال: ما عنده. وهو قوله: ﴿لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا﴾. وفي حرف ابن مسعود: "ونرثه ما عنده" (٧).

وقال قتادة: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ لا مال له ولا ولد (٨).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ﴾ قال: ما جمع من الدنيا وما عمل فيها، قال: ﴿وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ قال: فردًا من ذلك لا يتبعه قليل ولا كثير (٩).

﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)﴾.

يخبر تعالى عن الكفار المشركين بربهم أنهم اتخذوا من دونه آلهة لتكون تلك الآلهة ﴿عِزًّا﴾


(١) تقدم آنفًا.
(٢) سنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يلق ابن عباس ويتقوى برواية البيهقي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (الأسماء والصفات ص ١٣٤).
(٣) أخرجه البستي بسند ضعيف من طريق سعيد الخراط عن محمد بن كعب، ويشهد له سابقه.
(٤) ورد في الأصل رواية ابن أبي حاتم التي ستأتي في تفسير الآية ٨٧ من هذه السورة، وأما في (ح) و (حم) والطبعات فقد وردت رواية ابن أبي حاتم عند الآية ٨٧، لذا فقد أثبت الرواية هناك.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، والشطر الأول سنده صحيح عن قتادة، والشطر الثاني سنده منقطع؛ لأن قتادة لم يسمع من ابن مسعود ، والقراءة شاذة تفسيرية.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٩) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.