للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال السدي: تطغيهم طغيانًا.

وقال عبد الرحمن بن زيد: هذا كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)[الزخرف] (١).

وقوله: ﴿فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)﴾ أي: لا تعجل يا محمد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾ أي: إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط، وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله. وقال: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢)[إبراهيم]، ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)[الطارق] ﴿إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا﴾ [آل عمران: ١٧٨] ﴿نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (٢٤)[لقمان] ﴿قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ﴾ [إبراهيم: ٣٠].

وقال السدي: ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾ السنين والشهور والأيام والساعات، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "إنما نعدهم عدّا" قال: نعد أنفاسهم في الدنيا (٢).

﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٨٧)﴾.

يخبر تعالى عن أوليائه المتقين الذين خافوه في الدار الدنيا، واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم، وأطاعوهم فيما أمروهم به، وانتهوا عما عنه زجروهم، أنه يحشرهم يوم القيامة وفدًا إليه، والوفد هم: القادمون ركبانًا، ومنه الوفود وركوبهم على نجائب (٣) من نور من مراكب الدار الآخرة. وهم قادمون على خير موفود إليه إلى دار كرامته ورضوانه، وأما المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم، فإنهم يساقون عنفًا إلى النار ﴿وِرْدًا﴾ عطاشًا، قاله عطاء وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد (٤)، وههنا يقال: ﴿أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا﴾ [مريم: ٧٣].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن خالد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن ابن مرزوق ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)﴾ قال: يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها وأطيبها ريحًا، فيقول: من أنت؟ فيقول: أما تعرفني؟ فيقول: لا، إلا أن الله قد طيَّب ريحك وحسَّن وجهك، فيقول: أنا عملك الصالح، هكذا كنت في الدنيا حسن العمل طيبه، فطالما ركبتك في الدنيا فهلم اركبني فيركبه، فذلك قوله: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)(٥).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)﴾ قال: ركبانًا (٦).


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أي: من أفاضل الحيوان، وقد بينته السُّنة أنهم يركبون الإبل.
(٤) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول مجاهد عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم، وقول الحسن أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق أبي رجاء عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٥) سنده مرسل.
(٦) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.