للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ أي: عما كنتم فيه من أداء شكر النعم

﴿قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (١٤)﴾ اعترفوا بذنوبهم حين لا ينفعهم ذلك

﴿فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (١٥)﴾ أي: ما زالت تلك المقالة، وهي الاعتراف بالظلم هجّيراهم حتى حصدناهم حصدًا، وخمدت حركاتهم وأصواتهم خمودًا.

﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)﴾.

يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق؛ أي: بالعدل [والقسط] (١)، ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾ [النجم: ٣١]، وأنه لم يخلق ذلك عبثًا ولا لعبًا كما قال: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧)[ص].

وقوله تعالى: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (١٧)﴾.

قال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا﴾ يعني: من عندنا (٢)، يقول: وما خلقنا جنة ولا نارًا ولا موتًا ولا بعثًا ولا حسابًا.

وقال الحسن وقتادة وغيرهما: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا﴾ اللهو: المرأة، بلسان أهل اليمن (٣).

وقال إبراهيم النخعي: ﴿لَاتَّخَذْنَاهُ﴾ من الحور العين (٤).

وقال عكرمة والسدي: والمراد باللهو ههنا الولد (٥)، وهذا والذي قبله متلازمان، وهو كقوله تعالى: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ﴾ [الزمر: ٤] فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقًا، ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو العزير أو الملائكة ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (٤٣)[الإسراء].

وقوله: ﴿إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ قال قتادة والسدي وإبراهيم النخعي ومغيرة بن مقسم: أي ما كنا فاعلين (٦).

وقال مجاهد: كل شيء في القرآن ﴿إِنْ﴾ فهو إنكار (٧).


(١) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل: "أي بالقسط".
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح به.
(٣) قول الحسن أخرجه الطبري من طريق عقبة بن أبي جسرة عنه، بلفظ: "اللهو: المرأة"، وسنده حسن ترجمة، ويتقوى بقول قتادة الذي أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٥) قول عكرمة عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأخرجه الطبرىِ بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن مجاهد، وابن جريج لم يسمع من مجاهد.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٧) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.