للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسعيد بن جبير: الجنة بالرومية هي الفردوس (١).

وقال بعض السلف: لا يسمى البستان: الفردوس، إلا إذا كان فيه عنب، فالله أعلم.

﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين، وهو آدم خلقه اللَّه من صلصال من حمإ مسنون.

وقال الأعمش: عن المنهال بن عمرو، عن أبي يحيى، عن ابن عباس ﴿مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ قال: من صفوة الماء (٢).

وقال مجاهد: ﴿مِنْ سُلَالَةٍ﴾ أي: من مني آدم (٣).

وقال ابن جرير: إنما سمّي آدم طينًا؛ لأنَّهُ مخلوق منه (٤).

وقال قتادة: استلَّ آدم من الطين (٥).

وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق، فإن آدم خلق من طين لازب، وهو الصلصال من الحمإ المسنون، وذلك مخلوق من التراب، كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠)[الروم].

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد، حَدَّثَنَا عوف، حَدَّثَنَا قسامة بن زهير، عن أبي موسى، عن النَّبِيّ قال: "إن اللَّه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك" (٦)، وقد رواه أبو داود والترمذي من طرق عن عوف الأعرابي به نحوه. وقال الترمذي: حسن صحيح (٧).

﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً﴾ هذا الضمير عائد على جنس الإنسان، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨)[السجدة] أي: ضعيف، كما قال: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١)﴾ يعني: الرحم معد لذلك مهيأ له ﴿إِلَى


(١) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه ابن جريج لم يسمع من مجاهد، وأخرجه البستي بسند صحيح عن ابن جريج بدون ذكر مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري من طريق الحسين، وهو ابن داود: ضعيف، عن أبي معاوية عن الأعمش به. وسنده ضعيف، وأخرجه البستي بسند صحيح من طريق المنهال عن أبي يحيى، بدون ذكر ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) ذكره الطبري بنحوه.
(٥) أخرجه عبد الرزاق والطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وزيادة: والسهل والحزن، وصحح سنده محققوه (المسند ٣٢/ ٣٥٣ ح ١٩٥٨٢).
(٧) سنن أبي داود، السنة، باب في القدر (ح ٤٦٩٣)، وسنن الترمذي، التفسير، سورة البقرة (ح ٢٩٥٥)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٢٦١)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٩٢٦).