للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والضحاك نحو ذلك (١)، ولا منافاة فإنه من ابتداء نفخ الروح فيه شرع في هذه التنقلات والأحوال، والله أعلم.

قال الإمام أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا أبو معاوية، حَدَّثَنَا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد اللَّه -هو ابن مسعود - قال: حَدَّثَنَا رسول اللَّه ، وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: رزقه، وأجله، وعمله، وهل هو شقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتَّى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتَّى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها" أخرجاه من حديث سليمان بن مهران الأعمش (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أحمد بن سنان، حَدَّثَنَا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة قال: قال عبد اللَّه -يعني: ابن مسعود-: إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر، فتمكث أربعين يومًا، ثم تعود في الرحم فتكون علقة (٣).

وقال الإمام أحمد أيضًا: حَدَّثَنَا حسين بن الحسن، حَدَّثَنَا [أبو كدينة] (٤)، عن عطاء بن السائب، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللَّه قال: مر يهودي برسول اللَّه وهو يحدث أصحابه، فقالت قريش: يا يهودي، إن هذا يزعم أنه نبي، فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، قال: فجاءه حتَّى جلس، فقال: يا محمد، ممّ يخلق الإنسان؟ فقال: "يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب، وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم" [فقال: هكذا كان يقول من قبلك] (٥) (٦).

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرو، عن أبي الطفيل، عن حُذيفة بن أُسيد الغفاري قال: سمعت رسول الله يقول: "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة، فيقول: يا رب ماذا؟ أشقي أم سعيد، أذكر أم أُنثى؟ فيقول اللَّه، فيكتبان، ويكتب عمله وأثره ومصيبته، ورزقه، ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص" (٧). وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث سفيان بن عيينة، عن عمرو -هو: ابن دينار- به نحوه، ومن طريق أخرى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أُسيد أبي سريحة الغفاري بنحوه (٨)، والله أعلم.


(١) قول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة، وقول الضحاك أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه.
(٢) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ٢٣٤.
(٣) سنده صحيح ويشهد له سابقه.
(٤) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: "أبو لدينة".
(٥) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل سقط.
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه (المسند ٧/ ٤٣٧ ح ٤٤٣٨).
(٧) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ٦)، وسنده صحيح.
(٨) صحيح مسلم، القدر، باب كيفية الخلق الآدمي … (ح ٢٦٤٤).