للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً﴾ قال: ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع لا يزني بها إلا زانٍ أو مشرك (١). وهذا إسناد صحيح عنه، وقد روي عنه من غير وجه أيضًا. وقد روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والضحاك ومكحول ومقاتل بن حيان وغير واحد نحو ذلك (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى اَلْمُؤمْنِينَ﴾ أي: تعاطيه والتزوج بالبغايا، أو تزويج العفائف بالرجال الفجار.

وقال أبو داود الطيالسي: حَدَّثَنَا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى اَلْمُؤمْنِينَ﴾ قال: حرَّم اللَّه الزنا على المؤمنين (٣).

وقال قتادة ومقاتل بن حيان: حرَّم اللَّه على المؤمنين نكاح البغايا (٤)، وتقدم ذلك فقال: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى اَلْمُؤمْنِينَ﴾، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء: ٢٥].

وقوله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ .... ﴾ الآية [المائدة: ٥]، ومن ههنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي مادامت كذلك حتَّى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح، حتَّى يتوب توبة صحيحة؛ لقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عارم، حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان، قال أبي: حَدَّثَنَا الحضرمي، عن القاسم بن محمد، عن عبد اللَّه بن عمرو : أن رجلًا من المؤمنين استأذن رسول الله في امرأة يقال لها: أم مهزول، كانت تسافح وتشترط له أن تنفق عليه، قال: فاستأذن رسول الله أو ذكر له أمرها قال: فقرأ عليه رسول اللَّه ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)(٥).

وقال النسائي: أخبرنا عمرو بن علي، حَدَّثَنَا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرمي، عن القاسم بن محمد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: كانت امرأة يقال لها: أم مهزول، وكانت تسافح، فأراد رجل من أصحاب رسول اللَّه أن يتزوجها، فأنزل الله ﷿: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق خالد بن الحارث عن حبيب بن أبي عمرة به، وسنده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن كثير.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم عن هؤلاء بأسانيد ثابتة.
(٣) سنده حسن.
(٤) قول قتادة أخرجه الطبري معلقًا، وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق بكير بن معروف عنه.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١١/ ١٦ ح ٦٤٨٠)، وضعف سنده محققوه لجهالة الحضرمي. قال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد ٧/ ٧٣)، وأخرجه الحاكم من طريق هشيم عن سليمان التيمي عن القاسم بن محمد به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٩٦). ولعل الحضرمي خلط بين الصحابيين فرواه تارة عن ابن عمر وتارة عن ابن عمرو.