للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: إذا دخلت بيت صديقك فلا بأس أن تأكل بغير إذنه (١).

وقوله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: وذلك لما أنزل الله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام هو أفضل من الأموال، فلا يحلّ لأحد منا أن يأكل عند أحد، فكف الناس عن ذلك، فأنزل الله: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ﴾ إلى قوله: ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾ وكانوا أيضًا يأنفون ويتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره، فرخَّص الله لهم في ذلك، فقال: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ (٢).

وقال قتادة: كان هذا الحي من بني كنانة يرى أحدهم أن مخزاة عليه أن يأكل وحده في الجاهلية، حتى إن كان الرجل ليسوق الذود الحفل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فأنزل الله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ (٣). فهذه رخصة من الله تعالى في أن يأكل الرجل وحده ومع الجماعة، وإن كان الأكل مع الجماعة أبرَك وأفضل.

كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه، حدثنا الوليد بن مسلم، عن وحشي بن حرب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا قال للنبي : إنا نأكل ولا نشبع، قال: "لعلكم تأكلون متفرقين؟ اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه" (٤). ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث الوليد بن مسلم به (٥).

وقد روى ابن ماجه أيضًا من حديث عمرو بن دينار القهرماني، عن سالم، عن أبيه، عن عمر، عن رسول الله أنه قال: "كلوا جميعًا ولا تفرقوا فإن البركة مع الجماعة" (٦).

وقوله: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ قال سعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة والزهري: يعني فليسلم بعضكم على بعض (٧).

وقال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، سمعت جابر بن عبد الله يقول: إذا دخلت على أهلك


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ٤٨٥ ح ١٦٠٧٨)، وقال محققوه: حسن بشواهده، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ١٠٣)، وحسنه الألباني (السلسلة الصحيحة ح ٦٦٤).
(٥) سنن ابن ماجه، الأطعمة، باب الاجتماع على الطعام (ح ٣٢٨٦)، وسنن أبي داود، الأطعمة، باب الاجتماع على الطعام (ح ٣٧٦٤)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٦٥٧).
(٦) أخرجه ابن ماجه، الأطعمة، باب الاجتماع على الطعام (ح ٣٢٨٧)، وضعفه البوصيري (مصباح الزجاجة ٣/ ٧٧)، وذكر الألباني أنه ضعيف جدًا … والجملة الأولى ثابتة، (السلسلة الصحيحة ح ٢٦٩١).
(٧) قول سعيد بن جبير أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عنه، وقول الحسن البصري أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن، وقول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد ابن أبي عروبة عنه.