للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: مثل الزج (١) في الرمح؛ أي من ضيقه (٢).

وقال عبد الله بن وهب: أخبرني نافع بن يزيد، عن يحيى بن أبي أُسيد يرفع الحديث إلى رسول الله ، أنه سُئل عن قول الله: ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ﴾ قال: "والذي نفسي بيده، إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط" (٣).

وقوله: ﴿مُقَرَّنِينَ﴾ قال أبو صالح: يعني مكتفين (٤).

﴿دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾ أي: بالويل والحسرة والخيبة

﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا﴾ الآية.

روى الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك أن رسول الله قال: "أول من يُكسى حلة من النار إبليس، فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده، وهو ينادي يا ثبوراه، وينادون يا ثبورهم حتى يقفوا على النار، فيقول يا ثبوراه ويقولون يا ثبورهم، فيقال لهم: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا، وادعوا ثبورًا كثيرًا" (٥) لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة. ورواه ابن أبي حاتم، عن أحمد بن سنان، عن عفان به، ورواه ابن جرير من حديث حماد بن سلمة به (٦).

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤)﴾ أي: لا تدعوا اليوم ويلًا واحدًا، وادعوا ويلًا كثيرًا (٧).

وقال الضحاك: الثبور الهلاك (٨)، والأظهر أن الثبور يجمع الهلاك والويل والخسار والدمار، كا قال موسى لفرعون ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ [الإسراء: ١٠٢] أي: هالكًا.

وقال عبد الله بن الزبعري:

إذ أجاري الشيطان في سنَنَ الغـ … ـي ومن مال ميله مثبورا (٩)

﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)﴾.

يقول تعالى: يا محمد هذا الذي وصفناه لك من حال الأشقياء الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم، فتلقاهم بوجه عبوس وبغيظ وزفير، ويلقون في أماكنها الضيقة مقرنين لا يستطيعون


(١) الزج: أي الحديدة التي تركب في أسفل الرمح.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به، وأبو أيوب هو: المراغي الأزدي، اسمه يحيى ويقال: حبيب بن مالك، كما في التقريب.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن وهب به وسنده منقطع.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، (المسند ٣/ ١٥٢)، وسنده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم والطبري كلاهما بسند ضعيف من طريق علي بن زيد بن جدعان.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ويتقوى برواية الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بنحوه.
(٨) أخرجه البُستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٩) ذكره ابن هشام (السيرة النبوية ٢/ ٤١٩).