للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: إنما جعل الله هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة للسماء وجعلها يهتدى بها وجعلها رجومًا للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأخطأ حظه وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به. وإن أناسًا جهلة بأمر الله قد أحدثوا من هذه النجوم كهانة، من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ومن ولد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود والقصير والطويل والحسن والدميم، وما علم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير بشيء من الغيب، وقضى الله تعالى أنه لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون (١). رواه ابن أبي حاتم بحروفه وهو كلام جليل متين صحيح (٢).

وقوله: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾؛ أي: انتهى علمهم وعجز عن معرفة وقتها، وقرأ آخرون "بل أدرك علمهم" (٣)؛ أي: تساوى علمهم في ذلك كما في الصحيح لمسلم أن رسول الله قال لجبريل وقد سأله عن وقت الساعة: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" (٤)؛ أي: تساوى في العجز عن درك ذلك علم المسؤول والسائل.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾؛ أي: غاب (٥).

وقال قتادة: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ يعني: بجهلهم بربهم، يقول: لم ينفذ لهم علم في الآخرة (٦).

هذا قول وقال ابن جريج: عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ حين لم ينفع العلم (٧).

وبه قال عطاء الخراساني والسدي: أن علمهم إنما يدرك ويكمل يوم القيامة حيث لا ينفعهم ذلك (٨)، كما قال تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٨)[مريم].

وقال سفيان، عن عمرو بن عبيد، عن الحسن: أنه كان يقرأ "بل أدرك علمهم" قال: اضمحل علمهم في الدنيا حين عاينوا الآخرة (٩).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده أبو جعفر الرازي صدوق سيء الحفظ وما يرويه هنا ليس من نسخة أبي العالية، وقد توبع في رواية البخاري لكن بدون ذكر هذه الآية فقد أخرجه البخاري من طريق وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر به وقد ورد فيه آيات غير الآية المذكورة أعلاه (الصحيح، التفسير، سورة النجم ح ٤٨٥٥).
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) وهي قراءة متواترة.
(٤) صحيح مسلم، الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان (ح ٨).
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، وسعيد هذا ضعيف كما في التقريب.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق ابن جريج به، وعطاء لم يسمع من ابن عباس .
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق إسباط عن السدي.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سفيان به وسنده ضعيف لضعف عمرو بن عبيد كما في التقريب.