للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان (١). ورواه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد القطان، عن يزيد بن كيسان: حدثني أبو حازم، عن أبي هريرة فذكره بنحوه (٢)، وهكذا قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة: إنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله أن يقول: لا إله إلا الله، فأبى عليه ذلك، وقال: أي ابن أخي ملَّة الأشياخ، وكان آخر ما قاله هو على ملَّة عبد المطلب (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن أبي راشد قال: كان رسول قيصر جاء إلي، قال: كتب معي قيصر إلى رسول الله كتابًا، فأتيته فدفعت الكتاب فوضعه في حجره، ثم قال: "ممن الرجل؟ " قلت: من [تنوخ] (٤). قال: "هل لك في دين أبيك إبراهيم الحنيفية؟ " قلت: إني رسول قوم وعلى دينهم حتى أرجع إليهم، فضحك رسول الله ونظر إلى أصحابه، وقال: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" (٥).

وقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ يقول تعالى مخبرًا عن اعتذار بعض الكفار في عدم اتباع الهدى حيث قالوا لرسول الله : ﴿إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ أي: نخشى إن اتبعنا ما جئت به من الهدى وخالفنا من حولنا من أحياء العرب المشركين، أن يقصدونا بالأذى والمحاربة، ويتخطفونا أينما كنا، قال الله تعالى مجيبًا لهم: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾ يعني: هذا الذي اعتذروا به كذبا وباطل؛ لأن الله تعالى جعلهم في بلد أمين وحرم معظم آمن منذ وضع، فكيف يكون هذا الحرم آمنًا لهم في حال كفرهم وشركهم، ولا يكون آمنًا لهم وقد أسلموا وتابعوا الحق؟

وقوله تعالى: ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ أي: من سائر الثمار مما حوله من الطائف وغيره، وكذلك المتاجر والأمتعة ﴿رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا﴾ أي: من عندنا ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾، ولهذا قالوا ما قالوا.

وقد قال النسائي: أنبأنا الحسن بن محمد، حدثنا الحجاج، عن ابن جريج، أخبرني ابن أبي مُليكة قال: قال عمرو بن شعيب، عن ابن عباس، ولم يسمعه منه: إن الحارث بن عامر بن نوفل الذي قال: ﴿إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾ (٦).

﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (٥٨) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (٥٩)﴾.

يقول تعالى معرضًا بأهل مكة في قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا﴾ أي:


(١) سنن الترمذي، التفسير، سورة القصص (ح ٣١٨٨).
(٢) المسند ٢/ ٤٣٤.
(٣) هذه الآثار أخرجها الطبري وابن أبي حاتم ويشهد لها ما تقدم في الصحيحين.
(٤) كذا في (ح) و (حم) وتفسير ابن أبي حاتم، وفي الأصل صُحفت إلى: "تيرح".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف سعيد بن أبي راشد (لسان الميزان ٣/ ٢٨).
(٦) أخرجه النسائي بسنده ومتنه (السنن الكبرى، التفسير، سورة القصص ح ١١٣٨٥)، وسنده ضعيف للانقطاع بين عمرو بن شعيب وابن عباس، كما أشار الحافظ ابن كثير.