للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)[النمل]، وهذا مقام الفضل والعدل.

﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨٥) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (٨٦) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٨٧) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٨)﴾.

يقول تعالى آمرًا رسوله صلوات الله وسلامه عليه ببلاغ الرسالة وتلاوة القرآن على الناس، ومخبرًا له بأنه سيرده إلى معاد وهو يوم القيامة، فيسأله عما استرعاه من أعباء النبوة، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ أي: افترض عليك أداءه إلى الناس ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ أي: إلى يوم القيامة فيسألك عن ذلك، كما قال تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)[الأعراف]، وقال تعالى: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾ [المائدة: ١٠٩]، وقال: ﴿وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ﴾ [الزمر: ٦٩].

وقال السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ يقول لرادك إلى الجنة ثم سائلك عن القرآن. قاله السدي.

وقال أبو سعيد (١) مثلها.

وقال الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ قال: إلي يوم القيامة (٢)، ورواه مالك عن الزهري (٣).

وقال الثوري، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ إلى الموت (٤)، ولهذا طرق عن ابن عباس ، وفي بعضها لرادُّك إلى معدنك من الجنة (٥).

وقال مجاهد: يحييك يوم القيامة (٦)، وكذا روي عن عكرمة وعطاء وسعيد بن جبير وأبي قزعة وأبي مالك وأبي صالح (٧).

وقال الحسن البصري: إي والله إن له لمعادًا فيبعثه الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة (٨).


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق السدي به، وسنده ضعيف لأن أبا صالح وهو باذام أو باذان: ضعيف، والسدي لم يسمع من أبي سعيد وهو الخدري وقد صرح ابن أبي حاتم بأنه الخدري.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق حفص بن عمر العدني عن الحكم به، وحفص ضعيف كما في التقريب.
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن الحسن والزهري.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن الأعمش به، قال الحافظ ابن حجر: وإسناده لا بأس به (فتح الباري ٨/ ٥١٠).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند فيه خُصيف وهو صدوق سيء الحفظ.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٧) قول أبي مالك وأبي صالح والحسن البصري أخرجه الطبري بأسانيد ثابتة عنهم.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح عن قتادة عن الحسن البصري.