للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بإخراجه البخاري، كما انفرد بروايته أيضًا من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة به (١). وقد رواه الإمام أحمد منفردًا به عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة: حدثنا أبو يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة، عن النبي بنحوه أو مثله (٢).

وقال آخرون: كلاهما بالنسبة إلى القدرة على السواء.

وقال العوفي عن ابن عباس: كل عليه هين (٣)، وكذا قاله الربيع بن خُثيم (٤)، ومال إليه ابن جرير وذكر عليه شواهد كثيرة، قال: ويحتمل أن يعود الضمير في قوله: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ إلى الخلق؛ أي: وهو أهون على الخلق.

وقوله: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (٥) [الشورى: ١١].

وقال قتادة: مثله أنه لا إله إلا هو ولا ربَّ غيره (٦)، وقال مثل هذا ابن جرير، وقد أنشد بعض المفسرين عند ذكر هذه الآية لبعض أهل المعارف:

إذا سكن الغدير على صفاء … وجُنِّبَ أن يحركه النسيم

ترى فيه السماء بلا امتراء … كذاك الشمس تبدو والنجوم

كذاك قلوبُ أرباب التجلي … يُرَى في صفوها الله العظيم

وهو العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع بل قد غلب كل شيء، وقهر كل شيء بقدرته وسلطانه، الحكيم في أقواله وأفعاله شرعًا وقدرًا.

وعن مالك في تفسيره المروي عنه، عن محمد بن المنكدر في قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ قال: لا إِله إِلا الله (٧).

﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٩)﴾.

هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين به، العابدين معه غيره، الجاعلين له شركاء وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد له، ملك له، كما كانوا في تلبيتهم يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك (٨). فقال تعالى: ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي: تشهدونه وتفهمونه من أنفسكم ﴿هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ


(١) المصدر السابق (ح ٤٩٧٥).
(٢) المسند ٢/ ٣٥٠، وفي سنده ابن لهيعة ويشهد له سابقه.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به، ومعناه صحيح.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق رجل مبهم عن منذر الثوري عن الربيع بن خُثيم.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة به.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) سنده صحيح ويؤيد قول قتادة.
(٨) سيأتي تخريجه في الحديث التالي.