للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم شرع ابن جرير (١) يوجه هذا القول وينصره، لأن المكر والخداع والسخرية على وجه اللعب (والعبث) (٢) (منتف) (٣) عن الله ﷿ بالإجماع. وأما على وجه الانتقام والمقابلة بالعدل والمجازاة فلا يمتنع ذلك.

قال: وبنحو ما قلنا فيه روي الخبر عن ابن عباس (٤): حَدَّثَنَا أبو كريب، حَدَّثَنَا عثمان، حَدَّثَنَا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس - في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ قال: يسخر بهم للنقمة منهم.

وقوله تعالى: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال السدي (٥)، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة (الهمداني) (٦)، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النَّبِيّ : يمدهم: يملي لهم. وقال مجاهد (٧): يزيدهم.

[وقال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)[المؤمنون: ٥٥، ٥٦] وقال:] (٨) ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٢] قال بعضهم: كلما أحدثوا ذنبًا أحدث لهم نعمةً، وهي في الحقيقة نقمة. وقال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)(٩) [الأنعام].

قال ابن (١٠) جرير: والصواب يزيدهم على وجه الإملاء والترك لهم في عتوهم وتمردهم؛ كما قال (تعالى) (١١): ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠)[الأنعام: ١١٠].

والطغيان: هو المجاوزة في الشيء، كما قال (تعالى) (١٢): ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)[الحاقة: ١١].

وقال الضحاك (١٣)، عن ابن عباس: ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ في كفرهم يترددون. وكذا فسره السدي (١٤) بسنده عن الصحابة، وبه (١٥) يقول أبو العالية، وقتادة، والربيع بن أنس، ومجاهد، وأبو مالك، وعبد الرحمن بن زيد: في كفرهم وضلالتهم.


(١) في "تفسيره" (١/ ٣٠٣).
(٢) في (ج): "العنت"!
(٣) في (ن): "منتفى"!
(٤) يعني ابن جرير (٣٦٣) وسنده ضعيف.
(٥) في (تفسيره)، ومن طريقه ابن جرير (٣٦٤)؛ وأخرجه ابن أبي حاتم (١٤٤) عن السدي قوله. [وسنده ضعيف].
(٦) من (ن).
(٧) أخرجه ابن جرير (٣٦٥)؛ وابن أبي حاتم (١٤٥). [وسنده صحيح] وعزاه السيوطي في "الدر" (١/ ٣١) للفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٨) ساقط من (ز).
(٩) ساقط من (ز).
(١٠) في "تفسيره" (١/ ٣٠٧).
(١١) من (ز) و (ن).
(١٢) من (ن).
(١٣) أخرجه ابن جرير (٣٦٦)؛ وابن أبي حاتم (١٤٨) وسنده ضعيف [ويشهد له ما يليه].
(١٤) أخرجه ابن جرير (٣٦٧). [وسنده ضعيف ويشهد له ما يليه].
(١٥) أخرج أقوالهم: ابن جرير (٣٦٨، ٣٦٩، ٣٧٠)؛ وابن أبي حاتم (١٤٧)، [وكلها أسانيد ما بين صحاح وجياد].